أقول لكم
إن كانت دعوات بعض المسؤولين الأميركان للإسرائيليين بوقف الاستيطان تعتبر «سوء فهم»، فالأجدر بنا أن نعيش حالة مماثلة مع أميركا وأوروبا والأمم المتحدة ومجلس الأمن، نحن لدينا «سوء فهم» من تطبيقات المعايير والمبادئ الخاصة بالحقوق، ومن حقنا أن نطالب أولئك الذين جعلوا من أنفسهم رعاةً للعدالة الدولية أن ينصفونا، وإذا لم يفعلوا ذلك فعلينا أن نقول لهم أنتم لا تصلحون لهذه المهمة المقدسة، لأنكم تسمحون لدولة عنصرية تقوم على التمييزين الديني والعرقي بأن تمارس أبشع أنواع القهر والبطش ضد شعب سُرقت أرضه وشُرّد في بقاع الأرض، ولايزال يتعرض لكل أنواع الحقد البشري، ونقول لهم إن فهمكم لحقوق الإنسان تنقصه العدالة، وإن خضوعكم لمجموعة متسترة خلف تاريخ مزيّف يسقط صدقيّتكم، وإن مخالفة القواعد الدولية للحقوق المترتبة للشعوب المحتلة لا يمنحكم حق قيادة العالم، وإن الذين يكرهونكم لهم حق، وإن الذين يستهدفونكم يحاولون لفت أنظاركم إلى حجم المآسي التي تتعرض لها أرض فلسطين، وإن سرقة أراضي الآخرين وإقامة مستوطنات ليس سوء فهم، بل عدوان واضطهاد وافتئات على الحق، ونحن نريدكم أن تصححوا «سوء الفهم» الذي تعيشون فيه، وإذا لم تنصروا المظلوم وتوقفوا الظالم، فنحن وأنتم نعيش حالة «عدم ثقة» وليس سوء فهم فقط، فالحق الذي يُمنح للأوروبي يجب أن يُمنح للعربي، والحق الذي يُسلب من الفلسطيني ليعطى لليهود يجب أن يعود إلى صاحبه الأصلي، والذي يهدر دمه في سجن أو حارة أو داخل منزل لمدني في غزة أو نابلس يتساوى مع ذلك اليهودي المستوطن في أرض غيره، والبكاء على «شاليط» الإسرائيلي يساويه كل أسير من آلاف الأسرى المقيّدة حرياتهم في سجون الكيان الغاصب، ولا يجوز أن تبكي «هيلاري» على «شاليط» في مؤتمر يهود أميركا ولا تذكر شيئاً عن أسرى فلسطين، هكذا يجب أن نتحدث معهم، فقط أن نقول لهم إن سوء فهمكم لقضايانا يولّد مشكلة يراها الناس عندنا أنها انحياز تام، والانحياز إلى العدو ومساندته في عدوانه يعني أننا لن نثق بكم، ومن يفقد الثقة لا يمكن أن يكون صديقاً أو وسيطاً نزيهاً، فالنزاهة تقوم على التجرّد من الميول والعواطف والمصالح الآنية، فدعونا نَقُلْها لهم، فقط أن نقولها، ولا شيء أكثر مطلوباً منا، واتركوا «سوء الفهم» يتسع حتى يعرفوا أن سياستهم غير مقبولة.