5 دقائق
تنوّع ثري
كثرة الجاليات في الإمارات وتنوّعها وطريقة تعامل الكل معها، كل بطبيعة خلفيته الثقافية والدينية جعل الإمارات ودبي في الفترة الماضية، تصبحان مرشحتين بقوة لاستضافة المقر الرئيس للأمم المتحدة، الذي تم اقتراح برج خليفة ليكون مقراً له، لكننا، كالعادة، كان الأمر عبارة عن «هبّة» تحمسنا لها جميعاً، كتب من كتب، وشجّع من شجّع، ثم ذهبت الهبة ولم يعد أحد يذكر الموضوع أو يحاول إحياء الفكرة مرة أخرى.
من المهم جداً معرفة أن وجود المقر في نيويورك كان له تأثير ربما غير مباشر في تأثير الولايات المتحدة في المؤسسة وهذا الأمر لا يتطلب إثباتاً، فلمَ لا نستغل الفرصة لتحقيق تأثير عربي معتدل في هذه المنظمة التي فقدت صدقيتها حول العالم بفقدان الدولة المستضيفة لها هذه الصدقية، والتركيز سيكون على الوافِدَيْن الجديدين بقوة إلى الأمم المتحدة اللذين يتوقع أن يكون لهما تأثير في الفترة المقبلة (الهند والصين)، وكما يقول محمد إقبال «الهند لنا والصين لنا والعرب لنا والكل لنا»، أين سيجد ممثل الهند في الأمم المتحدة أجواء وجالية ورجال أعمال من جاليته كالمتوافر في دبي؟ وكذلك لمندوب الصين، وحتى مندوب روسيا التي يماثل توقيتها المحلي توقيت دبي (+4 غرينيتش) سيريح باله من فروق التوقيت، ومن أن يكون في اجتماع في الوقت الذي يكون فيه رئيس وزرائه يمارس الجودو في إجازته، وحتى مندوب الولايات المتحدة نفسه سيكون أكثر قرباً إلى بقية أجزاء العالم وأقرب إلى قواعده المتقدمة في العراق.
بما أننا قد أخذنا كل ما هو سيئ في الإعلام الغربي، واستنسخناه من برامج الأخ الأكبر إلى دعايات معجون الأسنان للصداقة، فمن باب أولى أن نتعلم أساليبهم في الترويج لمدنهم، هل قام شاب مواطن بإنشاء مدونة أو صفحة على الـ«فيس بوك»، لتشجيع نقل المقر إلى دبي؟ هل قام باحث اقتصادي في صحفنا بعمل تقرير عن كمية المبالغ التي ستوفرها المنظمة في حال انتقالها؟ هل أعلنت دائرة حكومية عن التسهيلات التي ستقدمها في حال انتقال المنظمة؟ هل قامت مؤسسة محلية بجمع مليون أو عشرة ملايين توقيع من أناس حول العالم يؤيدون أو يرحبون بالنقل؟ الهبات العاطفية لن تصنع لنا تاريخاً، بل المثابرة والقتال من أجل مشروع معين هما اللذان يكشفان الهبات ويصنعان التاريخ!