أبواب
طلاق «تيك أوَي»
«سيدة».. امرأة مصرية دخلت إلى المستشفى بزوج وكلية، وخرجت مطلقة وبلا كلية! كيف؟
شعرت «سيدة» بنوبة من الألم الشديد، استدعت نقلها إلى المستشفى، كان السبب التهاباً حاداً في الزائدة الدودية، لكن الزوج استغل الفرصة وأحضر لها ورقة أوهمها بأنها ضرورية لإجراء عملية استئصال للزائدة، لم يخطر في بال المسكينة أن الزوج الوفي سوف يغشها ويسرقها بعد 20 عاماً من العِشْرة، لكنه فعل ومن دون وازع من ضمير أو أخلاق أو وفاء.
كانت الورقة، يا سادة يا كرام، عبارة عن اعتراف منها بأنها تتبرع بكليتها ثم قام صاحبنا ببيع الكلية لأحد المرضى في مستشفى استثماري.
هكذا خرجت «سيدة» من الدنيا بجسد معطوب وزوج خائن، ولأن لا شيء يمكنه أن يعوضها خسارتها النفسية والروحية، فضلاً عن خسارتها الصحية طلبت الطلاق.
أسوق حكاية «سيدة»، فقط، للتدليل على الألم النفسي الضاغط والرهيب الذي يجعل المرأة تطلب الطلاق، وللتعليق على موضوع «الضرر النفسي» ليس إلا الذي لا ينجم فقط عن سرقة كلية الزوجة بل عن القذف والسب والعنف والضرب والهجر، وغيرها من أنماط سوء المعاملة. بالطبع يختلف حجم الضرر في حالة «سيدة»، لكنه في النهاية يحيل العش الهانئ إلى جحيم، والأهم أنه يوصل إلى الطلاق الذي بات مشكلة حقيقية في مجتمعنا.
والشاهد هنا هو الإحصاءات من جهة، وحديث قاضي محكمة الأحوال الشخصية في محاكم دبي، عبدالرحمن العوضي من جهة أخرى؛ أما الإحصاءات، فتشير إلى أن 90٪ من حالات طلب الطلاق تحصل بسبب الضرر الواقع على المرأة من قبل الزوج، وأن غالبية قضايا الطلاق المتداولة حالياً تقع بسبب الضرر سواء النفسي أو الجسدي. أما العوضي، فقال خلال منتدى التحديات القانونية التي تواجه المرأة في الإمارات، تحت عنوان «الطلاق وتبعاته»، إن عدد القضاة والموجهين الأسريين لا يتناسب مع عدد قضايا الطلاق الواردة إلى المحكمة، وينظر 13 قاضياً فقط في 1700 قضية طلاق خلال العام، فيما لا يتجاوز عدد الموجهين والمصلحين الأسريين الستة أشخاص. لو أجرينا حسبة بسيطة جداً، يكون نصيب كل قاضٍ تقريبا 130 قضية، ولو خصص القاضي لكل قضية ثلاث جلسات، وهي قليلة لقضايا الطلاق، سيكون مجموع الجلسات لكل قاضٍ 390 جلسة، وللأمانة لا أعلم هل ينظر هؤلاء القضاة الـ13 قضايا أخرى غير قضايا الطلاق أم أنهم تفرغوا لها.
أما الموجهون والمصلحون الأسريون الستة، فنصيب كل منهم تقريبا ،283 وإذا أضفنا أنه يحتاج إلى زيارة مزدوجة واحدة للزوجة وأخرى للزوج سيكون عليه القيام بما مجموعه 566 زيارة! لا أدري متى يتمكن المصلح من القيام بها؟!
الطريف في الأمر أن عدد أيام السنة لا يكفي القضاة والمصلحين مجتمعين للتدقيق بشكل مناسب في جميع القضايا التي تعرض عليهم، ما يتسبب في تطويل زمن القضية، أو استعجال النظر فيها بحيث لا تتوافر الفرصة الكاملة لدراستها دراسة متأنية والبحث عن حلول أخرى لها غير الطلاق، ما يسبب الظلم لأحد الطرفين. هذا يقودني إلى الحديث عن ضرورة تأسيس جمعيات تطوعية تأخذ على عاتقها جانباً من المسؤولية، وتقوم بتوعية المجتمع بأخطار الطلاق وما يترتب عليه من ضياع للأسر والأبناء!
لكن الأهم هو: ألا يحتاج الأمر إلى زيادة عدد القضاة والمصلحين الأسريين للخروج بأقل الخسائر من الطلاق الذي بات هو الآخر «تيك أوي»؟!