أقول لكم
بدأ السؤال يطرح نفسه: هل هو مرض حقيقي أم لعبة من ألاعيب شركات الأدوية؟ وثار الجدل حول العالم، منظمة الصحة العالمية قررت فتح تحقيق شامل حول المعايير المتّبعة في مواجهة الأمراض الجديدة، وعلماء ارتفع صوتهم منادين بمحاسبة الجهات التي أرعبت العالم، مقابل أن تكسب المليارات، وطالبوا بالحقيقة، فنحن نُنهي عاماً كاملاً على ظهور «أنفلونزا الخنازير»، ذلك الوباء الذي هزّ العالم في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وسيطرت تقاريره على وسائل الإعلام كلها، وفي كل بقاع العالم، حيث تسيدت أخباره صدر النشرات الرئيسة في محطات التلفزيون، وعناوين الصحف، وظهر الخبراء، وكذلك كل من لهم شأن بالصحة العامة أمام الملأ ليدلوا بدلوهم بعد انتشاره السريع، وبعد أن بدأت أرقام الوفيات ترتفع، والشائعات تضخم أعداد الذين يصيبهم يومياً، وشركات الدواء كانت تلهث، تحاول أن تتدارك الأمر، تصنع أدوية عساها تفيد في وقف انتشار الأنفلونزا القاتلة، ولكنها لا تستطيع إنتاج الكميات المطلوبة عالمياً، ودول العالم تفكر في مواطنيها، تحاول أن تحصل على نصيبها من الأمصال والأدوية، وأن تخزن كميات احتياطية، والمصانع تعلن عدم قدرتها على تلبية الطلبات، وأوامر الشراء تتزايد، والكل يحصل على ما يريد، وتمتلئ المخازن عن بكرة أبيها، وفجأة يخفت الضجيج، ويتحول المصاب بـ«أنفلونزا الخنازير» إلى حالة عادية تُراقب يومين أو ثلاثة، وترفع المنظمة الدولية حالة الطوارئ، وتلغي شرط الإعلان عن الإصابات في كل دولة، وكذلك الوفيات ما عادت مهمة، ويدور السؤال اليوم في المحافل الدولية، يريد العالم أن يعرف إن كانت «أنفلونزا الخنازير» مجرد حملة دعائية لدواء كان يراد له أن يباع من شركة أو اثنتين، وأن العالم كان ضحية عملية غشّ وابتزاز صحي على هذا المستوى من التخطيط والدقة وتحصيل مئات الملايين، فهذه صفة المافيا، وقد قيل إن مافيا الأدوية من أكبر المافيات في العالم، ولكننا لم نصدق ذلك، بسذاجة أقنعنا أنفسنا بأن شركات الأدوية لا يمكن أن تتلاعب بالبشرية جمعاء من أجل رفع معدلات مبيعاتها وزيادة أرقام أرباحها، حتى هذه اللحظة التي نرى فيها أن لعبة ما دارت رحاها قبل عام على مستوى العالم، وأن كل دولة عليها واجب التحقيق في ما حصل.