5 دقائق
لا عزاء لهم!
ليعذرني الأخ سامي الريامي لأضع طرف إصبعي على خيط هو من التقط طرفه! وهذه المرة يتوجب عدم ترك هذا الخيط إطلاقاً، ولو حدث هذا الأمر، فإننا أمام جولات جديدة ومحاولات حثيثة، من أجل التقاط أنفاس وجع لا ينتهي وجرح قد يستمر نزيفه عقوداً من الزمن! هكذا هو الحال لو بقي البعض على حاله!
بالأمس القريب تحدث الريامي عن أمر أحسبه خطيراً عندما تناول عرض مادة في الدستور الإماراتي، تقضي بحرية الرأي، وأن ذلك الأمر مكفول دستورياً، وفي هذا السياق لن أتقاطع مع الريامي في ما ذهب إليه، وأحسب أنه وفق في عرضه، ولكني تمنيت عليه لو قام بجولة تعريفية خاطفة للدستور، الذي يضم من الجوانب ما نحسب أن البعض لا يكلف نفسه عناء قراءتها، ولو ما في صدر المكتوب! وعما إذا كان قد سمع بتشريع منظم للحياة اليومية، أو عن جملة من القوانين صدرت منذ نشأة الدولة، صاغت شتى المجالات، وقضت بحقوق وواجبات، ولن أستعرض أنواع هذه القوانين والتشريعات، خشية أن يصاب البعض بحالة من الاستغراب!
البعض قد لا يكترث لأمر هذه القوانين، فهو يظن أنه بعيد عنها، كمن يعتقد أن الذهاب إلى مركز الشرطة أو المحكمة المدنية أو الشرعية، للمطالبة بحق يكفله القانون، هو في حقيقة الأمر اشتباه خطير، لا ينبغي التورّط فيه، مردداً مقولة باهتة.. اذهب بعيداً وارجع سالماً، أو ما يصطلح عليه محلياً «سير بعيد وتعال سالم»، وليس بقاصٍ، ذاك الذي لا يفقه من صندوق الزواج إلا تلك المنحة التي تقدم إلى من يرغب في الزواج، متناسياً عن قصد أن الصندوق تشريع قائم بذاته، من المفترض قراءته والتمعن في محتواه! وقرين لمن سلف ذكره، من أقدم على شراء مركبة جديدة، ولم يضع في اعتباره، إلا الوصول إلى تلك الحالة النفسية، الموصلة إلى أعتاب الوكالة، ليضع قدماً داخل المركبة، متناسياً عن كسل القدم الأخرى، التي قد تصل بهِ إلى حد التهلكة لاحقاً، لأنه ببساطة لا يفقه أنه خط بيده ورقة تحمل العديد من الأسطر، التي لا تسعفه في المطالبة بالتعويض، لأنه تنازل عن حقه في «لحظة» اندفاع وعدم تريث، كان أولى حضورها!
في هذا السياق، النيابة العامة في دبي قدمت نموذجاً رائعاً في نشر المعرفة القانونية، عبر إطلاق مجموعة من القوانين الاتحادية ووضعها في متناول الجميع بالمجان، من خلال الهاتف المتحرك (آي فون) وهي خدمة تصل في أقصر وقت وأثمن علم.
دولة الإمارات العزيزة ترصد من الميزانيات أضخمها، في سبيل تعزيز مسيرة التعليم ومخرجاته، ولكن البعض يتجاهل لاحقاً أمر فهم القوانين والتشريعات والنظم النافذة، التي نحسب أنها طوق نجاة «لمن فقه» تارة، ومهلكة «من لم يفقه» تارة أخرى، في بحر تتلاطم فيه المصالح وتتعقد، ولا عزاء في ذلك!