من المجالس
أطفالنا يتأتئون
إلى أي مدى يستطيع أطفالنا التعبير عن أنفسهم؟
ما نسبة حضور هذا التساؤل في أذهاننا جميعاً.. آباء وأمهات وتربويين ومسؤولين! فعندما نتابع لقاءات تلفزيونية قصيرة وعابرة مع تلاميذ وتلميذات نسمع المذيعة تسأل وهي التي تضطر لقول الإجابة نيابة عن الصغار الذين يكتفون بكلمة نعم أو لا أو الذهاب أبعد من ذلك بهز الرؤوس وأحياناً النظر إلى أسفل. وعندما يطلب من أحدهم أو إحداهن إلقاء كلمة أو تقديم نصّ في إحدى المناسبات المدرسية، فإن الكلمة أو النص يتم إعداده بشكل مقولب وصارم من قبل الأستاذ أو «المس». فيخرج من بين شفاه الصغار بشكل تغالبه التأتأة، وتكلف لا يمت للطفولة بصلة. فيبدو المدرس أو المدرسة هما من يتحدث بصوت الصغار. فلا تلقائية ولا انطلاق ولا قدرة تعبر عن قدر عالٍ من التدريب والثقة بالنفس والإعداد الجيد. لا شك في أن في مدارسنا نماذج لمواهب متميزة، لكن هؤلاء ليسوا قاعدة، وإنما هم الشواذ في القاعدة العامة التي نراها ونسمعها، والمتمثلة في ضعف قدرات أطفالنا على التحدث والتعبير عن أنفسهم وعن محيطهم بثقة وثبات وطلاقة.
نحن نبحث عن متفوقين لا عن قادة. ونحن هذه أقصد بها الجميع.. آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات وإدارات مدرسية ومسؤولين تربويين ومؤسسات مجتمع. والدرجات العالية لا تصنع وحدها القادة. فالشخصية القيادية تصنعها الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة الآخرين وهذه لا تأتي إلا بالحرية. والحرية شعور أكثر منها شعارات. والطفل الصغير أكثر الناس استشعاراً للحرية. وعندما يستشعر الطفل أن حريته مهددة بالبيت والفصل وفي الشارع فإنه لابد سيتأتئ ويبلع الكلام ويكتفي بالإيماء برأسه وهز أكتافه. وهذا يستدعي إعداد بيئة مدرسية واجتماعية ترفع السقف عن رؤوس الصغار ليتمكنوا من الانطلاق دون شعور بالخوف أو الدونية.