‏أقول لكم‏

‏ملهاة جديدة، هكذا هم يتعاملون في القضية، قالها أحد كبارهم «اشغلوهم كل 10 سنوات بشيء جديد»، ونحن نردد من ورائهم نتغنى مع دقات طبولهم، وقد نهتز طرباً، ونتفرج، وقد نسمع من ينادينا من قريب أو بعيد، ويقول لنا «اغتنموا الفرضة»، فنحن دوماً مطالبون باغتنام الفرص التي يقال إنها لن تتكرر، ودوماً نحصل على الأقل في المستقبل، ونجد بيننا من يعيّرنا ويشمت.

ملهاة جديدة، اسمها دولة بحدود مؤقتة، سربت، ونفتها بعض أجهزة الآلة الإعلامية الإسرائيلية، ولكنها أصبحت حديث الناس، بعضهم يسأل: وكيف تكون دولة بحدود مؤقتة؟ والبعض الآخر يريد أن يعرف أين ستتوقف الحدود الدائمة؟ أما البعض الثالث فهو منشغل بقياس المسافة ما بين المؤقت والدائم! وللأسف لم يخبرنا إن كان قياسه قائماً على «الأشبار» أم الأمتار، وعلى الأيام أم السنين، وهل هو قياس أطوال أم قياس أزمان؟ فهو منشغل بالحساب، ونتنياهو يتفرج، ويضحك على هذه «الكوميديا» العالمية التي يتقنها من تمرسوا في مدرسة «بن غوريون»، ويعلم أن أحداً لن يسأله عن الفصول التي مرت على هذه المسرحية، فالجديد يجبّ ما سبقه بالعرف الإسرائيلي، وستموت دعوة الدولتين القادرتين على الحياة، كما ماتت خارطة الطريق وكل الاتفاقات الموقعة بمباركة من كانوا في البيت الأبيض، ومن قبلها سلام مدريد وأوسلو و«غزة وأريحا أولاً»، ومر دهر كامل عليها ولم نرَ ثانياً أو ثالثاً أو رابعاً، بل عودة جديدة إلى نقطة البداية، وتتوسع البلديات قليلاً، تضم إليها بعض الطرق، وهذا يوافق على الـ«100» الجديدة ، والآخر يرفضها، ويتحرك الوسطاء، هذا يوسع حجم الدولة المؤقتة، وذاك يسحب كل معالم الحياة عنها، والعسكري الإسرائيلي يقف عند مفترق الطرق، يفتش بعض الناس، ويعتقل البعض الآخر، ويقتنص البعض الثالث.

سننشغل بهذه الملهاة لفترة طويلة، وإن قبل بها طرف في لحظة ضعف سيجد نفسه يعيش الوهم كما عاشه من ظنوا أن اتفاقات أوسلو كانت تؤسس لدولة، فإذا بها تصنع سلطة لا تملك أية سلطة أو سيتكرر المشهد القديم نفسه، حتى يخترع من سيخلف نتنياهو «فكرة شيطانية» أخرى تشغل الجميع سنوات تضاف إلى عقود الضياع. ‏

myousef_1@yahoo.com

 

الأكثر مشاركة