مدير في صندوق..
عندما سُئل مدير براءات الاختراع الأميركي، تشارلز ديل، في عام ،1899 عما لم يخترعه العالم بعد، رد متهكماً «كل شيء يمكن أن يخترع قد اخترع»!
إذ لم يتوقع ذلك المدير في ذلك المنصب في تلك الدولة أن يصل العالم بعدها إلى ما فيه من إبداعات واختراعات، أسهم أبناء جلدته في النصيب الأكبر منها، وقبع بذلك ديل في ما يسمى في العالم الغربي بالتفكير داخل الصندوق.
السؤال هنا: كم لدينا من أمثال ديل من مدير أو مسؤول ذي تفكير مشابه أجحف بحق المجتمع قبل مؤسسته، فأخرجها من منظومة التطور والتقدم، وأبعد من يجرؤ على التفكير خارج الصندوق؟
وإذا افترضنا عدم مخالفة تلك الأفكار لمصالح المدير الشخصية، فكلمات مثل «لا يمكن تحقيق ذلك» أو «هذه مخاطرة» جُمل شائعة بيننا، فيحبط المدير فكرة موظف مبدع ما ويسهب في تأصيل فكره السلبي، والنتيجة وأد الفكرة قبل أن تُبحث، مع أن بعض الأفكار لا تقدم حلولاً فورية، لكنها قد تؤدي إليها.
ولكي نضع العلاج لمشكلات تسببنا فيها أو سببها المدير لنا، فالحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى آذان مصغية نواجه بها تحديات عظاماً. ومن حقنا أن نحلم يا أيها المدير، وأن نشاطرك النظر إلى الصورة الأكبر في عالمنا اليوم. وعلى المجتمع أن ينتفض ليضع المبدع في أماكن يشغلها بالصمغ أمثال ديل درءاً لإخفاق لا مفر منه.
يحضرني مشهد حقيقي لرجل أجاب عن جميع أسئلة برنامج «من سيربح المليون»، من دون أن يستعين بأي وسيلة مساعدة. وفي السؤال الأخير قرّر أن يستعين بوالده، فقال له «أنا لا أحتاج مساعدتك يا أبي، لكنني أردت إخبارك بأنني سأربح الآن المليون»، وربحها وسط دهشة الجميع. ثم مشهد لرجل آخر حذف إجابتين في حيرة عن عدد الحروب العالمية. وبعدها اختار أربع حروب لا بل أصر عليها. ومع ذلك لم أجزم بعدها أيهما مدير وأيهما مدار في مؤسسته خارج البرنامج!