هل سمعت بهذا السؤال؟
مازلت أتذكر جيداً تلك الشعارات القديمة، التي كانت تظهر على جانب الطريق، تخاطب الآباء مطالبة إياهم بعدم السرعة والعودة إلى المنزل بسلامة، حيث الأطفال يُظهرون براءتهم قِبل الآباء، من أجل تقليل الحوادث المرورية، التي يذهب ضحيتها مختلف الأشخاص، أما في يومنا هذا فنشاهد عبر مختلف وسائل الإعلام، رسائل عدة تتشابه إلى حد بعيد مع الشعارات القديمة، ولكن إلى أي مدى نستطيع قياس أثر هذه الشعارات في مواجهة الآباء السائقين أو الأمهات في أحيان أخرى!
وقد لا يستوعب البعض من أولياء الأمور أنه قد يواجه سؤالاً من ابنه الصغير مفاده: لماذا تسرع؟ هذا السؤال يبقى مطروحاً سواء كان الأب بمفرده أو برفقة أطفاله الصغار، لاسيما أن البعض منهم لا يتوانى عن خلق التناقضات الغريبة، خصوصاً عند إبقاء ذاك الجسد الغض اليافع في أحضانه، حال القيادة أو رِفقَ أم ستبقىَ على قيد الحياة، رغم مأساة الحادث الأليم، ليس بفضل خروج الكيس الهوائي، بقدر وجود ذاك الجسد السد الذي حال دون ارتطام الأم بالواجهة الأمامية، ليهبَ «الحياة» التي كانت بانتظاره، إلى من بالأمس القريب أنجبته!
أي جهالة هذه التي تلازم البعض! الآباء والأمهات ينبغي أن يمارسوا أدواراً حقيقية بل واستثنائية، لا تقل في أهميتها عن دور القطاعات المجتمعية الأخرى، كما أننا لن نتقدم بضع خطوات، ولدينا أولياء أمور لا يبقون ابسط القيم نصب أعين وعقول أبنائهم، وإذا ما غابَ هذا الجانب عندها لا نريد أن يُلقى باللوم على أطفال صغار، لم يبلغوا الحُلمَ بعد، ولم يكن لهم ذنب عدا أنهم من ظهور أو بطون خاوية، حينها أرجو أن لا تصوب رؤوس التأنيب والتأثيم نحو أطفال الأمس، إذا ما تورطوا في حوادث مرورية قاتلة، بل إلى إعادة تأهيل وتثقيف ظهور بلا أعمدة، أو بطون لا تُخرج عصارة خير!
في جانب متصل، لا أستطيع أن أخفي إعجابي بفكرة إنشاء حديقة مرورية أخيراً في العاصمة الحبيبة أبوظبي، وهي بالفعل خطوة رائدة وتُحسب للقائمين عليها، في سبيل ضمان التقيد بالنظم وقواعد السلامة المرورية، ولكن حتى تكتمل ريادة الفكرة، يتعين على الأهل مرافقة أبنائهم إلى هذه الحديقة، من اجل الاستفادة والتطبيق لاحقاً! حتى لا يبقى سؤال ذاك الطفل الصغير بلا إجابة!
إن شعوب الأرض كافة ترتضي لنفسها قوانين ونُظماً تهدف إلى المحافظة على الإنسان وسلامته، ومتى فقد هذا الإنسان حاجته إلى استحضار مثل هذه القيم، وكان في حوضه رعية، أظن أننا لن نسائل الرعية بقدر مساءلة مالك الحوض، والأسرة أولاً وأخيراً هي بيت الداء والدواء، ومن ينظر بعيداً، أحسبُ أنه يحاول السير فوق السراب!