من المجالس
«إنجليزية» بلسانين
قررت وزارة التربية والتعليم تكثيف جهودها لدعم مناهج اللغة الإنجليزية في المدارس وتقوية مهارات الطلاب فيها. اللهم لا اعتراض، خصوصاً إذا صح ما يُقال بأن عيالنا في المستقبل سيموت الواحد منهم من الجوع من أثر البطالة إذا لم يغرد بالإنجليزية قراءةً وكتابةً وتحدثاً.. بل وتفكيراً وأسلوباً للحياة. ولكن يبقى أن نعرف ويعرف الأبناء والبنات أي اتجاه يأخذون.. البريطاني أم الأميركي؟ ربما تكون الإجابة الآن: لا فرق، ولكن لو حدث لا سمح الله، وفاز في الانتخابات البرلمانية البريطانية القادمة الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي يطالب بفك الارتباط بين بلاده وأميركا، وأنّى له ذلك؟ فإن الإجابة يجب أن تختار إحدى «الإنجليزيتين». عندها يجب على مخططي المناهج أن يضعوا كل الاحتياطات والاستعدادات للرد على كل التساؤلات، والتهيؤ لكل الاحتمالات في سوق العمل، وأي «الرمستين» تفضل شركاته ومؤسساته، وقريباً منه المؤسسات الحكومية. أما اللغة العربية فلا عزاء لها، ولا حاجة إلى الإعادة والتكرار بأن الاهتمام بها قائم، لأنها هي اللغة الأم والوعاء الكبير واللسان الأصيل. فهي الضرورة الضارة التي لم تعد تغني ولا تسمن من جوع. وهي الحاضرة في مسابقات الشعر وحفلات «اليولة». ومجالس ما تبقى من فلول النخب المتسكعة على أرصفة المقاهي وحواف الاحتفالات الكرنفالية.
اللغة العربية هي الأم التي يجب أن تجلس في البيت معززة مكرّمة، وتترك السوق وأهوالها للإنجليزية ومن سيرثها من اللغات القادمة من خلف السور العظيم وربما من قاع الأخدود العظيم. حسب فهم المرحلة.. اللغة العربية هي كان وأخواتها، والتراث وماضويته، والغروب وما بعده. أما المستقبل والذي يليه فليس للعربية شأن فيه.