‏كل يوم‏

‏كلامك صحيح يالرميثي..‏

سامي الريامي

‏أتفق تماماً مع محمد خلفان الرميثي رئيس اتحاد الكرة الإماراتي عندما قال: «إن كانت البطولات والمباريات بين فرق دول مجلس التعاون ستؤدي إلى خلافات ونزاعات، فنحن نفضّل ألا نقيمها، ومن الأفضل ألا نلعب كرة قدم»!

الرميثي لم يعلق فقط على الأحداث التي أعقبت مباراة الوصل الإماراتي وقطر القطري في بطولة كأس الأندية الخليجية، وإن كانت تصريحاته لقناة الجزيرة الرياضية جاءت عقب المباراة مباشرة، لكن كلامه كان أقرب إلى رصد الواقع الرياضي الخليجي خلال السنوات الماضية، خصوصاً أنه أكد ذلك وقال في تصريحاته: «من الملاحظ خلال السنوات الماضية أن حدة التوتر والعنف بدأت تتزايد في معظم المناسبات الرياضية الخليجية، وأدعو الجميع إلى أن يضعوا في اعتبارهم أنها مجرد كرة قدم»!

بالطبع هي كرة قدم، ويجب ألا تتعدى كونها كذلك، وكرة القدم تعني أنه لابد أن يكون هناك فائز واحد لكل بطولة، إلا إذا كنا ننوي تغيير نظام الاتحاد الدولي، ووضع نظام خاص بدول الخليج يجعل من الممكن جداً أن يخرج الفريقان بعد كل مباراة فائزين، ويجعل كل الفرق التي تشارك في بطولة ما، تفوز فيها، وتوزع الميداليات الذهبية على لاعبي جميع الفرق، ويرجع كل فريق إلى بلده بطلاً منتصراً، لأنه من الواضح جداً أن فكرة وجود مهزوم في الكرة لم تعد مقبولة لدى جميع فرق دول المجلس!

ومع أنها كرة قدم، إلا أنها تتحول إلى مناوشات وتوترات بين اللاعبين في الملعب، لكنها سرعان ما تنتشر خارجه، وتنساق وراءها الجماهير، وإن سلّمنا بأن هذه الأمور ليست بغريبة في عالم الكرة، فكيف لنا أن نفسر ما بدأنا نلاحظه في البطولات الخليجية في الآونة الأخيرة، من انسياق العقلاء، وكبار الشخصيات، والمسؤولين، الذين يفترض فيهم الحكمة والنبل ورجاحة العقل، وراء الجماهير واللاعبين الذين تتفاوت مستوياتهم الثقافية والاجتماعية، فيصبح الجميع في عالم الكرة سواسية، والجميع يفقد أعصابه، وفقدان الأعصاب مصيبة كبرى، تجعل صغائر الأمور تتحول إلى كبائر، وبالتالي يتصرف الجميع التصرفات نفسها، ويبدأ التلاسن، وتتصاعد المهاترات، وتتغذى في النفوس أفكار الكرامة والعزة والأنفة والكبرياء، التي يجب أن تُستعاد لصون الهيبة والمكانة والشرف، ثم ما نلبث أن نرى الخطوات العملية لاستعادة كل هذه الأمور عبر تصرفات وتصريحات تتسبب في زرع الكراهية وبث الفرقة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التلاحم والوحدة، كل تلك الأمور لا مكان لها في مباريات كرة القدم، التي لا تعدو كونها مكاناً للتنافس الشريف، وليست مكاناً لاستعراض البطولات العربية، والخيل والليل والبيداء تعرفني!

لا ننسى أيضاً أن للإعلام، وللأسف الشديد، دوراً سلبياً واضحاً في هذه المشاحنات، وفي معظم الحالات السابقة أسهم الإعلام الخليجي بشكل أو بآخر في تصعيد النزاعات الكروية، وتسبب في تسخين كثير من القضايا، أو بالأحرى كان يقوم بمهمة «صب الزيت على النار»، بدلاً من أن يقوم بدوره الإيجابي في الرقي بمستوى الفكر، وتوجيه الرأي العام نحو العقلانية، ووضع الأمور في نصابها الطبيعي. ما يحدث غير مقبول أبداً، ولا يتناسب مع علاقات دول المجلس القوية جداً، فنحن ومنذ عصر ما قبل اختراع كرة القدم، عائلات وقبائل وشعوب متقاربة للغاية، ما يربطنا أكبر بكثير مما قد يتسبب في اختلافنا، وإذا كانت كرة القدم ستتحول إلى عامل للفرقة، فالأفضل إلغاؤها، كما قال الرميثي.‏

‏reyami@emaratalyoum.com

تويتر