كل يوم
السكوت ليس دائماً من ذهب
لاشك أنها أصبحت قضية رأي عام، انتشارها بين فئات المجتمع، ومناقشتها في كثير من المجالس والملتقيات، وتداولها في المنتديات والساحات كافة، ووجودها في صندوق الوارد والصادر في البريد الإلكتروني، لآلاف الأشخاص، إن لم يكن عشرات الآلاف، وربما أكثر.
ما نُشر عن رواتب ومزايا موظفين، وأشياء أخرى، في شركة أبوظبي للإعلام، يعتبر قضية رأي عام، على الرغم من عدم ظهورها على أي من صفحات الصحف، أو في أي من وسائل الإعلام المحلية، وهذا متوقع وطبيعي لأسباب عدة، أهمها أن المسألة كلها مازالت في خانة «الاتهامات» التي لم يستطع أحد إثباتها إلى الآن، وثانياً كون القضية لم تخرج من أي مصدر رسمي في نيابة أبوظبي، ليؤكد قبول الدعوى أو حتى وصولها إلى النيابة العامة أو ينفي ذلك، وبالتأكيد الصحف ليست كالمنتديات، ولا يمكن من باب المهنية والصدقية نشر ما يُتداول في ساحات المنتديات على أنها أخبار حقيقية مسلّم بها، خصوصاً أن المنشور لا يمثل سوى طرف واحد، بينما غابت كل الأطراف الأخرى المعنية بالموضوع.
ومع ذلك، فإن النقاط التي وضعها المحامي عبدالحميد الكميتي، شكلت صدمة حقيقية في المجتمع، وأدت إلى نشر حالة من الضيق والحزن، ولن أبالغ إذا قلت «اكتئاب» عدد غير قليل من الناس، خصوصاً في ما يتعلق بوصول الراتب الشهري إلى مدير أجنبي في الشركة إلى 900 ألف درهم، وحصوله على «بونص» يقدر بثلاثة ملايين درهم!
وكما قلت، لا يمكن أخذ هذه المعلومات إلى يومنا هذا على أساس أنها حقائق، لكن إلى أن تثبت صحتها من عدمها، فسيظل المجتمع مصدوماً مما ذُكر، لاسيما إذا عرفنا أن هذا الرقم يفوق رواتب ثمانية وزراء مجتمعين، وبالتأكيد فإن الفضول سيدفع الناس إلى محاولة معرفة المقابل الذي يمكن أن يقدمه أي شخص، مهما كان موقعه أو مجال عمله، نظير حصوله على راتب من هذا النوع!
غريب جداً ما يحدث، وغريب أن يبادر المحامي الكميتي إلى نشر معلومات من هذا النوع، ولكن الأغرب من هذا كله هو سياسة الصمت الرهيب التي اتبعتها شركة أبوظبي للإعلام، فالسكوت ليس دائماً من ذهب، وتحديداً في موقف مثل هذا، وكثيرون انحازوا إلى خانة المحامي، وتبنوا القضية ونشروها، بعدما اعتبروا أن صمت الشركة دليل إدانة جعل موقف الكميتي هو الأقوى.
المسألة تحتاج إلى إيضاحات من مسؤولي الشركة، لأن المسألة تجاوزت الكميتي وأصبحت قضية رأي عام، وبالتالي من حق الرأي العام أن يعرف ما يحدث، ومن حقه أن يحصل على جواب شافٍ، يقلل من وقع الصدمة الكبيرة التي أحدثتها رسالة عبدالحميد الكميتي، ومازالت تُحدثها.
ربما فضّل المسؤولون في «أبوظبي للإعلام» تجاهل الموضوع برمته، على اعتبار أنها «شائعات» لا ينبغي الرد عليها، أو من باب «الحقران تقطيع مصران»، لكني مع ذلك أصر على أنها أصبحت قضية محط اهتمام كثير من أفراد المجتمع بشرائحه كافة، لذا كان من الضروري أن تكون هناك خطوة أو مبادرة للرد بشكل إعلامي أو قانوني أو بأي طريقة ممكنة حتى يعرف الرأي العام الحقائق، أما الصمت بهذه الطريقة فإنه لن يكون مجدياً أبداً من مؤسسة إعلامية!