أبواب
سيف شهريار
أسهل شيء يمكن لمعالجة مشكلة حضانة الأم لطفلها الوليد هو القول «تيلس في البيت وتجابل اليهال»، كلام فيه الكثير من الاستسهال في التعامل مع هموم الأم العاملة، ويفتقر إلى المنطق والعقلانية، بل يقفز على واقع مجتمعنا الذي يحتاج إلى جهد رجل كان أم امرأة.
وبدلاً من البحث عن حلول عملية ومناسبة للواقع فضّل البعض «ترك الجمل بما حمل»، والتخلص من مشكلة صغيرة بشراء عذاب مشكلة أكبر.. إن هذا النوع من التفكير - والحمد لله أن فئة قليلة من الرجال تفكر على هذا النحو وليس كل الرجال- يعكس النظرة القاصرة والدونية لعمل المرأة، وكأن المرأة شيء هامشي!.. وعملها لا يقدم ولا يؤخر في شيء، وفي رأيي أن اعتماد هذه النظرة فيه ظلم بين لكثير من النساء اللواتي قدمن للمجتمع ولأسرهن خدمات كبيرة لا تحصى ولا تعد.
لا يعلم هؤلاء أن من بين الحلول نظام العمل المرن، أو العمل عن بعد، خصوصاً أن وظائف كثيرة مع التطور التكنولوجي لم تعد بحاجة إلى الوجود في مكان العمل التقليدي، أو توفير خيار إجازة سنة حتى لو كانت غير مدفوعة.ولا شك أن أفضل حل لهذا الواقع المرير هو إجراء دراسات وبحوث علمية تحتوي على قياسات رأي عام بعيداً عن المقالات والخطب الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ومن ثم وضع الاستراتيجيات والحلول المثالية.
أعتقد أنه آن الأوان لكي تتغير نظرتنا إلى عمل المرأة وأهميته، وأن نغير أيضاً من الأسلوب الذي نتعاطى به مع حجم هذه المشكلة، فالحكمة تقول إن فهم المشكلة هو نصف الحل، والمشكلة التي نحن بصددها ليست عمل المرأة من عدمه، فهذه قضية اشبعت جدلاً وحسمت منذ القرن الماضي، كما ذكرت إحدى القارئات في تعليقها على مقالي السابق ما يجعلني أؤكد عن قناعة أن لبّ المشكلة هو أننا قبلنا خروج المرأة للعمل، لكننا لم نستعد لتكاليف هذا الخروج.
الرجل يريد من المرأة أن تقوم بأكثر من دور من دون أن يقدم لها ما يعينها على النجاح في أدوارها أماً وزوجة وربة أسرة وموظفة عاملة.
ولا أعلم لماذا يتجاهل بعض الرجال دورهم المهم في تربية الأطفال ليس طلباً للتخفيف عن الأم، بل لأسباب تربوية ونفسية لها علاقة بتكوين شخصية الطفل، وما أكثر النساء اللواتي يشعرن بأن أزواجهن غائبون عن هموم أطفالهم وشؤونهم.. وأعرف آباء لا يعرفون أين يدرس أطفالهم وفي أي صفوف هم؟!
أظن أن «شهريار» الحكاية لايزال حياً، ولايزال يرفع السيف «سيف الطلاق أو الزواج بأخرى، أو الهرب من البيت الى الأصدقاء، أو الإهمال أو الهجر، وما أكثر السيوف التي في يده»، ولن يفلح الأمر إلا إذا اقتنعت تلك الفئة من الرجال بأن الحياة مشاركة، وتعاون وتكاتف ومسؤوليات، ينبغي على الطرفين الالتزام بها، حتماً ستنتهي الكثير من المشكلات الجانبية التي تواجهها المرأة والأسرة. ونحن إذ نطالب الرجل والمجتمع بأن يعينا المرأة على أداء أدوارها، لا نغفل مطالبتها بأن تكون هي أكثر وعياً في كل شؤونها، وأن تسعى إلى الموازنة بين واجباتها ما استطاعت.
بقي أن نقول إن الرجال ليسوا كلهم «شهريار»، ولا أبالغ إذا قلت إن هناك رجالاً هم السبب الحقيقي وراء نجاح نسائهم، ولولاهم لما وصلن إلى النجاح الحقيقي.. ولهؤلاء أقول: كثّر الله من أمثالكم.