أقول لكم
نحن نلعب بالكرة أم الكرة تلعب بنا؟ سؤال يحتاج إلى إجابة، مثله مثل ذلك السؤال الأبدي الذي عجزت البشرية عن الإجابة عنه، تعرفونه، هو ذلك المتعلق بالدجاجة والبيضة وأيهما جاء أولاً، ولا تقولوا إن هناك اختلافاً كبيراً وشاسعاً بين السؤالين، فالكرة، صراحة، وُجدت لنلعب بها، نعم، لعبنا بها منذ أن عرفناها، وأتعبناها ركلاً، كما أشبعنا بطوننا أكلاً من الدجاج والبيض، وكنا نقول سابقاً إنه لولا الدجاجة لما جاءت البيضة، وبعدها نسكت، وكأننا حللنا عقدة ذلك العالم الذي لم يجد حلاً للإشكال الذي كان يعيشه إلا في مغطس الاستحمام، وقفز صارخاً بكلمته الشهيرة «وجدتها» متناسياً الاحتشام، وقد رد علينا في الصغر مدرّس «متفذلك» قائلاً إنه لولا البيضة لما جاءت الدجاجة، وصمتنا، ومازلنا نعيش في حيرة حتى ظهرت لنا الكرة، ونعود مرة أخرى ونسأل إن كنا نلعب بالكرة أم أن الكرة هي التي تلعب بنا؟ ونترك العنان لأفكارنا، نسترجع أحداثاً تجري وأخباراً تنتقل وحكايات تُروى ومشاهد تقع، ونقف، نطيل الوقوف عندها، ونتذكر كيف يمكن أن يتحول مشجع لم يخطّ شنبه بعد، إلى وحش كاسر وهو يمزق ملابس رجل طويل وعريض، وكيف يمكن أن يخرج شخص محترم جداً عن طوره، ويفقد كل مقومات المكانة والشخصية والاسم الذي يحمل، لينسف مبدأ من مبادئ اللعب بالكرة، وكيف يمكن أن تُزور الحقيقة على مرأى ومسمع من العالم كله بسبب خسارة في مباراة لكرة القدم، وكيف يتحول الإخوة إلى أعداء بسبب هدف سجله فريق ضد فريق، وكيف يمكن أن تُصرف الملايين على المدرب الذي لا يلعب الكرة ولا يسجل الأهداف، وكيف يحسب الولاء للأعلى صوتاً والأكثر سباً ووقاحة في المدرجات، وكيف تخلو الشوارع من المارة عندما يلعب قطبا المدينة بالكرة، وكيف تنقسم المدينة الواحدة إلى حزبين متناحرين بعد المباراة، وكيف يميز من ينتمي إلى فريق في دائرة رئيسها من الفريق نفسه، وكيف يُهان من كان مؤيداً فريقاً ومديره يؤيد فريقاً آخر، وكيف تحسب حياة الإنسان عند أقدام غيره!
هل نحن نلعب بالكرة أم أن الكرة أصبحت هي التي تلعب بنا؟ سؤال سيبقى مطروحاً ونحن نرى العجب في ملاعب الكرة وخارجها.