غموض «التعاون الخليجي»
الظروف المحيطة بمنطقة الخليج العربي تزداد تعقيداً، بينما تزداد منظومة مجلس التعاون الخليجي تراخياً وضعفاً لمواجهة هذه الظروف والعمل على احتوائها. ودول الخليج العربية منفردة تعتبر في نظر القوى الإقليمية الطامحة والقوى العالمية الطامعة مجرد كيانات صغيرة تمتلك موارد طبيعية هائلة تجعلها عرضة على الدوام لطمع الآخرين فيها. ومجلس التعاون الخليجي لم يستطع إلى الآن التغلب على تناقضاته الداخلية لدمج أقطاره في كيان مؤسسي كبير، بكل المستويات، ليكون رقماً كبيراً على كل الصعد باستثناء كونه مصدراً حيوياً للطاقة في العالم.
إيران اليوم، كما كل الدول الطامعة من قبلها، تحرص على التعامل مع دول الخليج العربي منفردة، وتمارس اختراقاتها وأطماعها بناء على تلك التناقضات داخل البيت الخليجي، وتحاول تقليد حامل العصا والجزرة من خلال سياسة التصعيد الإعلامي والسياسي والأمني مع بعض الدول الخليجية، والعزف على أوتار الأخوّة واستبعاد الغريب، والالتفات لإسرائيل مع دول أخرى. وتحقق هذه السياسة الإيرانية نجاحات واختراقات، لا لقوة في موقفها، ولكن بسبب غموض وتردد الموقف الخليجي «الموحد».
وبسبب هذا الغموض والتردد وعدم وضوح الرؤية استطاعت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون جر الموقف الخليجي للسكوت عن الخطر النووي والتوسعي الصهيوني من خلال التركيز على الخطر النووي الإيراني، إلى درجة سمحت فيها لمسؤولين «إسرائيليين» ودوائر صهيونية بالإشارة إلى التلميح أو التصريح بوجود «توافق» عربي خليجي إسرائيلي لمواجهة الخطر النووي الإيراني المزعوم. كل هذا التردي يعتبر استجابة طبيعية للتردي في آلية عمل مجلس التعاون الخليجي، لمؤسسة لم تستطع حتى الآن تحقيق المفهوم الحقيقي لكلمة «تعاون»، لتنتقل منها إلى مرحلة الاتحاد، وهذا ما نتمنى أن يكون حاضراً أمام القمة التشاورية لقادة المجلس هذا الأسبوع.