أنا ملتزم.. إذن أنا (لا) أخالف! (1)

صلاح بوفروشه الفلاسي

الصدفة هي التي ساقتني، هذه المرة، إلى مواجهة طيبة وثانية على التوالي، قِبل كلمات الأخ الأستاذ سامي الريامي، عندما ذهب في عموده الخميس الماضي إلى واقع المخالفات في الفترة الأخيرة، الواقع الذي يقول بكثرة ارتكاب ورصد وتحرير مخالفات مرورية تعكس مرآة سائقين متحمسين! من دون أن يكون هنالك سقف يفضي إلى نهاية وشيكة على ما يبدو، ولو في الأجل القريب! وربما هي حقيقة تفزع القائمين على أمر السلامة العامة من جهات قضائية وإدارية، إلا أن حقيقة أخرى تقول إنك قد تستيقظ متأخراً وتتجه إلى مقر عملك أو وجهتك المفضلة على عجل، وربما تكون محظوظاً إذا ما تذكرت أنه يتعين عليك استخدام حزام الأمان بعد أن تصعد إلى مركبتك، ولست متأكداً من أنك ستدير المحرك وتتركه قليلاً ريثما يستيقظ هو الآخر! ولكن عقارب الساعة قد لا تسعفك، فأنت مضطر إلى تجاوز هذا الأمر! ولا أدري إن كنت ستشاهد ذاك الصندوق الأسطواني الأحدث على طول قارعة الطريق، والذي يخزن في ذاكرته العديد من أمثالك، فهو لا ينسى أو يخطئ في رصد مَنْ يتجاوز السرعة طوال الوقت! أضف إلى ذلك أفعالاً عدة تتشابه في ممارساتها اليومية من تجاوزات خاطئة وخطرة وعدم استخدام حزام الأمان، أو استخدام الهاتف أثناء القيادة، في تعنت واضح وتعدٍ على قوانين وأنظمة مرورية نافذة!

وبعيداً عن هذه الحقائق، ثمة سؤال يطرح نفسه، هل الطموح أن يصبح السلوك على الطريق عبارة عن ارتكاب ورصد وتحرير آلاف المخالفات فقط، وإلى أي مدى يستحضر السائق أن حريته على الطريق تنتهي مع بدء حرية الآخرين؟ وأن الاحترام سمة حضارية ينبغي مراعاتها في الأوقات كافة، وهي لا ترتبط حتماً بذاك الشرطي على الطريق، الذي ينظم ويراقب مدى دقة وصحة ممارسات القيادة، وأرى شخصياً أننا لسنا بحاجة إلى أدائها لمجرد الخشية من مخالفة مرورية ستنقص من أرصدة الحساب «مبلغاً من المال»، وإذا تبين أن البعض يفكر بهذه الطريقة، فالأمر بحاجة إلى إعادة تأهيل هذا البعض، ونرى إدراجه ضمن الاشتراطات الصحية والنفسية المقررة قانوناً، للحصول على رخصة قيادة جديدة أو مجددة!

وبعيداً عن حسابات البعض وقراءته للأحداث اليومية، سنجد أن الأرقام تكشف عن واقع مثير للقلق على أقل تقدير لدى (الملتزم) ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن آلاف السائقين يرتكبون هذا الكم من المخالفات، في مساحات وطرق قصيرة نسبياً من الناحية الجغرافية، وهذا في رأينا بحاجة إلى دراسة «متأنية»، تبحث الأسباب قبل النتائج، كما ينبغي البحث مطولاً في الفئات العمرية المخالفة، ودرجة خطورتها على مستعملي الطريق، ومدى ملاءمة الإجراءات المقررة قانوناً حيال المخالفين «بالفطرة» تحديداً، الذين تجاوزت قيمة مخالفاتهم الـ100 ألف درهم، طبقاً للأرقام الرسمية المعلنة! وللحديث بقية...

alfalasi.salah@gmail.com

 

تويتر