أقول لكم
يجسد الفلسطيني الذي بقي في فلسطين 48 مأساة إنسانية، لم ولن يعيشها أحد غيره، فهو مطالب بموقفين في 15 مايو، اليوم الذي لا يعرف كيف يتعامل معه، فهو الفلسطيني العربي يعتبره يوم النكبة، وهو الإسرائيلي الهوية والجنسية، مطالب بأن يحتفل فيه بقيام الدولة، فماذا يفعل؟ يقطع قلبه نصفين، ويصنع خطاً وهمياً داخل عقله، ويضع رجلاً هنا ورجلاً هناك، ويصفق تارة بكلتا يديه، ويندب حظه تارة أخرى، ويضرب الأرض بيد ويلوّح بيد أخرى، ينظر بحسرة من عين واحدة نحو الأرض التي سلبت، وبالعين الأخرى يتفاءل بالمستقبل في الديمقراطية التي لا مثيل لها.
احتفلت إسرائيل بذكرى قيامها، دقت الطبول، ورقص الغاصبون، وتوعدوا الجميع، وفي الجانب الآخر، في بقايا أرض فلسطين، وفي ثنايا الدنيا الواسعة، حيث يتفرق أربعة ملايين فلسطيني، غصّت الحلوق بالكلمات، خنقتها العبرات، واكتنزت الأفئدة بالحسرات، على وطن ضاع، وعلى حلم طال، وعلى وعود تذروها الرياح، وعلى «سادة» مازالوا يتناقشون ويتخاصمون، وعلى شهود زور يكذبون كل يوم 100 كذبة، ويصدقون أنفسهم، ويعزفون لحناً، هؤلاء الفلسطينيون يعزفون لحناً جنائزياً في اليوم الذي يحتفل فيه الصهاينة، فهو يوم عظيم من أيام التاريخ الأسود للبشرية، هكذا يجب أن يكون يوم 15 مايو، ولا تقبل كل فلسفات المرتزقة والسارقين، هكذا يوصم عار الدنيا الذي تلبسه الجميع منذ ،1948 ولا وصف آخر له، عندما تتجمع عصابة، وتزود العصابة بسلاح، ويسمح للعصابة بالقتل والنهب، ويطرد صاحب البيت ليسكن فيه أفراد العصابة، فهذا لا يعني أن العصابة على حق، وإن انتصرت في لحظة غفلة، وإن كبرت مع مرور الأيام، وإن طمست حقيقتها ببعض الأفعال، تبقى هي مجرمة، ويبقى ذلك البيت المسروق حقاً لصاحبه، ويبقى صاحب البيت مطالباً بحقه، وعندما يكون الأمر متعلقاً بفلسطين يبقى البيت ويبقى حق المطالبة به إلى أبد الآبدين، إلى أن يأذن القدير المدبر أو تقوم الساعة.