رؤية
جبايات المصارف التجارية
تعد المصارف التجارية في أي مجتمع اقتصادي شريكاً مهماً في التطـوّر والنمو والتنمية، من خلال توفيرها للسيولة اللازمة، ودعمها للمشروعات الإنمائية والتجارية والاقتصاديـة، إضافـة إلى تقديمها لقروض تخـدم أهـداف شرائح المجتمع الاقتصادي والتجاري، أو الاستهلاكي.
ويجب ألا يختلف دور المصارف في الإمارات عن هذا الدور الذي تمارسه المصارف التجارية في العالم.
ولكن في ظل ضعف الرقابة المصرفية من قِبل السلطة المصرفية وهي المصرف المركزي، أصبحت هذه المصارف من دون استثناء تلعب دوراً سلبياً في مجتمعنا الاقتصادي والاستهلاكي، فعلاوة على كونها قنوات مصدّرة لرؤوس الأموال إلى خارج المحيط الاقتصادي الوطني، وتقديمها قروضاً وتسهيلات لشركات ومؤسسات من دون دراسة عميقة لحقيقتها أو نشاطها أو جدواها الاقتصادية، كما حدث، أخيراً، لشركتي «سعد للتجارة»، و«سعد القابضة» السعوديتين، وغيرهما من شركات وأفراد داخل الدولة وخارجها، ما عرّضها لأزمة في السيولة، وتفاقم في الديون المشكوك في تحصيلها، وعلاوة على أنها تقدم قروضاً استهلاكية لأفراد المجتمع في الامارات، وبأرقام فلكيـة من دون دراسة لمقدرتهم على السداد، أو دراية لأوضاعهم المالية، ما أدى إلى تفاقم مديونية الافراد، وتعريض البعض منهم للمساءلة القانونية، والسجن أحياناً، فإنها أصبحت وفي ظل غياب رقابة المصرف المركزي، تجبي رسوماً وضرائب وعمولات، تعددت أشكالها، وتجاوزت مستوياتها الحدود المعقولة، بهـدف تعظيم أرباحها على حساب شرائح المجتمع، لاسيما صغار المقترضين منهم، الذين يوقعون على شروط المصارف من دون معرفة أكيدة، أو قراءة دقيقة لتلك الشروط.
وتباينت تلك الرسوم والضرائب والعمولات بين المصارف العاملة في الإمارات، وأصبحت تتسم بالمغالاة والاستغلال، فهناك رسـوم تفرض على دفتر الشيكات، وأخـرى على تحصيل الشيكات، ثم عـلى كشف الحساب، وعـلى حساب العميل، إذا ما وصل إلى حد مالي متدنٍ، وضرائب على الشيكات المرتجعة، مهما كانت الأسباب، إضافـة إلى رسـوم وجبايات أخرى تفرضها المصارف على أي عمليات تتم على حساب العميل، أو خدمة يقدمها البنك للعميل، مثل بطاقات الصرف الآلي، أو البطاقات الائتمانية، وغيرها من الخدمات الأخرى، فيما المصارف تستفيد من أرصدة العملاء، لاسيما أولئك الذين لا يقبلون الفوائد على ودائعهم، أو حسابات التوفير الخاصة بهم، ما يستوجب تدخـلاً عملياً من قِبل المصرف المركزي، باعتباره سلطة نقديـة تحـدد مفهوم الخدمات، ورسوم التحصيل، ضمن هامش معقول، بعيداً عن المغالاة والتضليل، ومن دون أن يؤدي ذلك إلى تفاقم في أوضاع العملاء، لاسيما المدينين منهم.