العين والحسد و«غسال» الفناجين
بعض النساء لهن في كل يوم ظاهرة.. تارة تغويهن موضات الأزياء والتقاليع الغريبة.. تارة يركضن وراء قصات الشعر ومشابكه، فيخرجن بأشكال ما أنزل الله بها من سلطان.. وتارة ينشغلن بمساحيق التجميل والكريمات وشد البشرة والشفط والربط، وغيرها من وسائل التنحيف التي لا تحقق المراد، اللهم إلا نجاحها في (تنحيف) الزوج من كثرة الهم والغم والتفكير في هذه الزوجة التي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب!
وتمر مثل هذه الأمور على اعتبار أنها اهتمامات النساء اللواتي لا يثبتن على موال.. وتعتبر من متطلبات الجمال (المادي الخارجي بالطبع) الذي يركض وراءه الرجال قبل النساء، وربما يدفع الأزواج الزوجات قسراً وبأشكال متعددة للهاث وراء صرعاته لكي يبقين (محبوبات) ولا يقع أبغض الحلال.. أما أن تكون الصرعة الجديدة الركض وراء (غسول الفناجين) فهذا أمر لا يخطر على بال أحد، ولا يمكن تفسيره إلا على مذهب واحد اسمه: التخلف والجهل.
مناسبة هذا الحديث «إيميل» غريب وصلني وجعلني أضحك وأبكي، وما أكثر المبكيات المضحكات في هذا الزمن.
يحكي «الإيميل» عن فئة من السيدات المقهويات أو «القهوجيات» اللواتي يقدمن القهوة في الأفراح والمناسبات، بات (غسال) فناجيلهن وبيالاتهن مرغوباً ومطلوباً أكثر من عطور كريستيان ديور وجيفنشي وأمواج ودهن العود.. ومن لف لفهم من أصحاب العطور الفخمة. وصار لهن من المعجبات الواقفات على أبوابهن طلباً لبضاعتهن طوابير وطوابير.. وهكذا، فتحت لهن أبواب الرزق على مصراعيها ووجدن (رزقهن!) في الضحك على ذقون الغافلات أو المتغافلات، الراكضات وراء الخزعبلات، «صدق لي قالوا»: (رزق الهبل على الميانين)!
أما اللاهثات وراء غسول المقهويات فهن فئة من النساء مصابات بوسواس (كفانا الله وإياكم شر الوساوس كلها ما ظهر منها وما بطن) اسمه إصابة العين أو الحسد.. ويعتقدن أن استخدام غسول العائن (من يصيب بالعين) يشفي من الحسد ويجنبهن الإصابة بالعين.. وأما (الغسول) الغالي فهو بقايا النساء اللواتي يحضرن الأعراس وفضلات قهوتهن! تأخذه القهوجيات اللواتي يوجدن في الأعراس، ويضعنه في زجاجات لا يراعين فيها نظافة لتشتربه نسوة مرعوبات من الحسد.
ويقول «الإيميل» إن هذا السلوك أضحى عند البعض بمثابة وجبة أخيرة تتناولها النساء المتخوفات من إصابتهن بالعين قبل مغادرة حفل الزواج، بل ويدفعن مئات الريالات عن طيب خاطر منهن. أما إذا كان الغسول لامرأة واحدة مشهورة بالعين والحسد فإن السعر يرتفع، ويصبح ثمن الزجاجة أو القارورة آلاف الريالات!
المصيبة أن مثل هذا السلوك لا ينم فقط عن الجهل وسوء فهم الدين والعبث به، بل يظهر كماً هائلاً من التخلف والجهل بأبسط شروط النظافة والوعي الصحي. لأن هذا الغسول ليس ملوثاً فقط بل يحمل جراثيم مئات الحاضرات اللواتي شربن القهوة التي تنتقل الى الماء، لكن «ناقصات العقول والمعرفة لا يهمهن كل هذا بل يشترين بضاعتهن الفاسدة من دون سؤال او استفسار عنها».
بالله عليكم في أي زمن نحن؟ وأين نعيش؟ هل نحن حقاً في القرن الواحد والعشرين؟!
لماذا تنتشر مثل هذه الخزعبلات في أوساط النساء؟
هل نعيش أزمة وعي ديني؟
أي استهتار بالدين والعقل والعلم أكثر من هذا؟