كل يوم
المشكلة ليست في الكهرباء
اعتقد مسؤول في هيئة كهرباء الشارقة، أنه وجد ذاته، وحقق لذة ومجداً شخصياً في إهانة صحافي، عندما ردّ عليه بكل تعالٍ، قائلاً: «نحن لا نتعامل مع الصحافة، ولا تحاولوا الاتصال بي مرة أخرى»!
لم يكن ذلك الصحافي يطلب منحة، ولا إعفاء من دفع فاتورة الكهرباء، كما لم يكن يطلب شيئاً لنفسه، أو لأبنائه، كل ما في الأمر، أنه أراد أن ينقل إلى مئات الآلاف من الناس خطط هيئة الكهرباء في معالجة مشكلة انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء مختلفة من المدينة، ويحصل على معلومات وتفاصيل تساعدهم على محنتهم التي يمرون بها، لترتيب أوضاعهم على أقل تقدير، وحقهم البسيط في معرفة أوقات الانقطاع وساعاته، لا أكثر ولا أقل، وبالتالي فإن الرد عليه بهذه الطريقة، لا يعتبر إهانة للصحافي ولا لصحيفته، بل إهانة لأفراد المجتمع كافة، الذين يحاول الصحافيون في مختلف وسائلنا الإعلامية أن يكونوا صوتهم، وأن يشكلوا حلقة الوصل بينهم وبين المسؤولين.
إساءة إلى الناس قبل أن تكون إساءة إلى الصحافة، وتعالٍ مؤسف على الشعب قبل أن يكون تعالياً على الصحيفة، واستهانة واستهتار بأفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين كافة، قبل أن يكون استهتاراً بصحافي، فالمعلومة عندما تتعلق بجهة خدمية، فهي من حق المستهلك الذي يحصل على الخدمة نظير مبالغ يدفعها، ومن حقه أن يعرف المعلومات كافة المتعلقة بهذه الخدمة التي يحصل عليها، ولا أعتقد أبداً أن أسباب انقطاع الكهرباء، أو خطط إرجاعها، أو حتى تحديد أوقات الانقطاع، هي سرّ من الأسرار العسكرية الكبرى، التي لا يمكن البوح بها، ولا يمكن الحديث عن تفاصيلها، ولا أعتقد أن صحافة الإمارات هي جزء من صحافة العدو، أو هي رجس من عمل الشيطان الواجب اجتنابه، ولا أعتقد أنها نجاسة ينبغي الابتعاد عنها، ومن لا يريد التعامل مع الصحافة، ولا يريد إعطاء الناس حقهم في المعرفة، فهو غير مؤهل في الأساس لتولي أي منصب، حتى وإن كان هذا المنصب صغيراً جداً، في جهة حكومية خدمية، همّها الأول والأكيد خدمة المواطنين والمقيمين، لا الاستهتار بهم أو التعالي عليهم!
لا مشكلة في انقطاع الكهرباء، وهو أمر وارد في مدن العالم كافة، ولم يطعن أحد أبداً في هيئة كهرباء الشارقة، ولا في قدرتها على معالجة الخلل، وكل ما فعلته الصحافة هو نقل للأحداث، فانقطاع التيار يبقى حدثاً، حتى وإن تم في دقائق عدة، هو في حد ذاته خبر، وهذا ليس حكراً على الشارقة، وحدث في إمارات الدولة كافة، وتحدثت عنه الصحافة باستفاضة، فلمَ الحساسية المفرطة في التعامل مع الموضوع؟ ولمَ الحساسية المفرطة في التعامل مع الصحافة، باعتبارها ألد أعداء الهيئة؟ ولمَ الابتعاد عن الشفافية؟ ولمَ التعامل مع الناس بأساليب غير لائقة، أبسطها الامتناع عن الرد المباشر أو غير المباشر على أي من استفساراتهم وتساؤلاتهم؟!
لن تكون هناك مشكلة في انقطاع الكهرباء، لو تم التعامل مع الناس بأسلوب أفضل، ولن تكون هناك مشكلة لو تم إبلاغ سكان كل منطقة عن فترة الانقطاع ووقته، بذلك يستطيعون ترتيب أمورهم، وتدارك مشكلات أخرى كثيرة مرتبطة بمشكلة الانقطاع، هذا ما يطلبه الناس، لا أكثر ولا أقل، فهل يستحق الموضوع كل هذا التجاهل والقسوة في التعامل؟!