اللوبي في الإمارات

يعتقد البعض أن ظاهرة ما يسمى اللوبي هي ظاهرة أميركية بحتة، ولكنها موجودة في كل العالم. تعرّف موسوعة ويكيبيديا اللوبي بأنه نوع من أسلوب الضغط الذي يستخدمه الأفراد أو المؤسسات على المشرعين والمسؤولين في الحكومات للتأثير في القرارات لحسابهم، ويعد أول شخص مارس هذا النوع من الفن السياسي أميركياً اسمه وليام هل، الذي أرسله جنود سابقون عام 1792 قاتلوا في حرب الثورة الأميركية إلى العاصمة آنذاك فيلادلفيا للضغط على الحكومة لرفع قيمة التعويض المالي الذي تلقوه لخدمتهم ودورهم في كسب الحرب.

وفي الإمارات توجد لدينا مكاتب لشركات تقدم خدمة اللوبي بعضها أميركي يخدم شركات وحتى حكومات في الخليج، لدينا أيضاً ما يسمى نوادي رجال أعمال مثل النادي الهندي، والأميركي، والبريطاني والكندي وغيرها، وهم يجتمعون لمحاضرات اقتصادية من مسؤولين ولإحياء مناسباتهم الوطنية، ولكن أمرٌ مثير حصل قبل بضعة أشهر حين زار وزير الاقتصاد البريطاني بيتر ماندلسون في الحكومة السابقة الإمارات، وأعلن أمام تجمع النادي البريطاني أنه مستعد للضغط على المؤسسات والحكومات المحلية لمصلحة المؤسسات البريطانية التي تنتظر أن يدفع لها مبلغ 400 مليون جنيه، وفي الحقيقة لم يعجب حديثه عدداً من الأعضاء الحاضرين الذين أبدوا امتعاضهم لبعض وسائل الإعلام، وقد تكون هذه المناسبة أول مرة يسجل فيها استخدام تلك النوادي أو أفراد منها أسلوب الضغط لأي غرض ما في الإمارات.

وكان أكبر مثال لتجمع لوبي حين أقيمت انتخابات لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي العام الماضي، فتعتبر الغرفة مؤسسة مهمة تُعنى بشأن اقتصاد يقدر بأكثر من 150 مليار دولار، ورؤية الغرفة تقول: «نحن ممثلو القطاع الخاص ونعمل على دعم السياسات والربط ما بين مؤسسات قطاع الأعمال وتوسيع نطاق الفرص أمام الأعضاء». وقامت ثلاثة تحالفات في الانتخابات الأخيرة يقترع فيها 71 ألف عضو في الغرفة لاختيار الأعضاء. 67 إماراتياً تنافسوا على 13 مقعداً و12 أجنبياً تنافسوا على مقعدين مخصصين لرجال الأعمال الأجانب بينما تقوم الحكومة بتعيين ستة أفراد. وكانت انتخابات مثيرة حيث قامت مجموعة تسمى «أبوظبي أولا» بنشر إعلانات عبر الصحف والراديو، وموقع إلكتروني ومتحدث رسمي باسم المجموعة. وقد تكون تجربة «أبوظبي أولا» هي أول تجمع لفريق لوبي اقتصادي رسمي بارز في الإمارات، وقد وعدوا الناخبين بتحسين الخدمات وتخفيض الرسوم للمنشآت الصغيرة، وكانت النتيجة فوزاً ساحقاً لـ«أبوظبي أولاً» بجميع المقاعد الإماراتية والأجنبية. وهناك مجموعات أخرى في الإمارات غير اقتصادية تعنى بالبيئة وحقوق الإنسان ضمن أمور عدة تمارس ضغوطا أيضاً.

وتعد ظاهرة اللوبي جديدة على المجتمع الإماراتي، وهي غير معروفة وغير مقننة. ولكن هل نحن بحاجة إلى تشريعها؟ في الولايات المتحدة أول قانون اتحادي نظم جماعات اللوبي كان في عام 1946 يجبر تلك الجماعات على الإعلان عن الأموال التي يبذلونها وعدل مرات عدة، وأدخلت ولاية نيويورك قانونا خاصا باللوبي عام 1999 للغرض نفسه، وقد يتعلم رجال الأعمال من تجربة «أبوظبي أولاً» الرائدة حين تقوم انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في العام المقبل وينشئون مجموعات لوبي تعنى بمصالحهم في أمور كثيرة، مثل احتكارهم المنتجات في الدولة التي استغنوا منها، فسن قانون يجبر تلك المجموعات على إعلان نياتهم والأموال التي يصرفونها، سيحمي المجتمع والمواطن من أي سوء استغلال.

زميل غير مقيم في كلية دبي للإدارة الحكومية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر