رؤية
الإصلاح الاقتصادي في دول الخليج
من الأهمية بمكان أن تكون هناك رؤية موحدة ومشتركة بين دول الخليج في صياغة اقتصادات قوية ومتماسكة ومترابطة، وتحصينها ضد أي أزمات أو هزات، باعتبار أن تعرض أي اقتصاد لأزمة ما تكون تداعياتها وانعكاساتها على مختلف اقتصادات المنطقة، ويجب أن يصاحب تلك الرؤية آليات عمل موحدة وواضحة وخطط وبرامج مشتركة وعملية وسياسات مالية واقتصادية وإدارية مدروسة، كما يجب أن يتم التعاطي مع المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وفق رؤية موحدة تحقق المصلحة المشتركة لدول المنطقة، بحيث تصبح دول المنطقة شريكاً فاعلاً في صياغة النظام المالي والمصرفي والاقتصادي الجديد، مع ضرورة التوصل إلى وجود هيئة رقابية دولية لمراقبة النظام المالي والمصرفي العالمي وحركة السيولة العالمية، واقتراح الوسائل والآليات المناسبة في مواجهة هذه الأزمة وأي أزمات تتعرض لها اقتصادات دول العالم وأسواقها المالية، مع الإشارة إلى عدم قبول دول الخليج تحمل تبعات الأزمة المالية أو أعباء الإصلاحات المالية والاقتصادية في العالم، وهذا ما دعا إليه بعض قادة دول أوروبا.
إن دخول دول الخليج في اتفاقات اقتصادية استراتيجية مع مختلف دول العالم والتكتلات الاستراتيجية الدولية لا يعزز حضورها في الساحة الاقتصادية الدولية فحسب، وإنما يحقق لها منافع ومصالح استراتيجية طويلة المدى أيضاً، كما يحقق للمنطقة استقرارها الأمني والاجتماعي والاقتصادي في ظل تشابك المصالح مع تلك الدول والتكتلات، وذلك من منطلق القناعة التامة بأن العلاقات الاقتصادية المبنية على المصالح الاستراتيجية تشكل المحور الأساسي والأهم في العلاقات الدولية في يومنا هذا، حيث المصلحة الاقتصادية والتجارية بين الدول والتكتلات هي الدافع في تبني العلاقات بين الشعوب والدول والتكتلات.
وفيما احتدم الصراع على نفط الخليج عبر السنوات الماضية، فإن الصراع مرشح للاحتدام على أموال واستثمارات دول الخليج وأسواقها الاستهلاكية، وهي الحقائق التي تحكم مستقبل الأوضاع الاقتصادية في المنطقة عموماً ودول الخليج خصوصاً.
إن الإصلاحات الاقتصادية في البنية الأساسية لاقتصادات المنطقة تستوجب الاستعانة بالخبرة الفنية والعلمية في المؤسسات الاقتصادية والتنموية الدولية، كصندوق النقد الدولي، في تحقيق إصلاحات نقدية وهيكلية في موازين المدفوعات، والبنك الدولي في وضع رؤية تنموية وتحقيق إصلاحات حقيقية في اقتصادات دول المنطقة، ثم منظمات الأمم المتحدة مثل «الاسكوا» و«برنامج الأمم المتحدة للتنمية» في تصحيح الأوضاع الاقتصادية والتنموية والبشرية، على أن يتم ذلك وفق رؤية تنموية مشتركة بين الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، تدعمها إرادة سياسية تؤمن بأهمية الإصلاحات وإحداث التنمية الشاملة باعتبارها ضرورة حتمية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .