شركاتنا المساهمة والأسواق المالية
إن تحقيق إصلاحات اقتصادية ومالية ومصرفية في دول مجلس التعاون يتطلب ضرورة تحقيق إصلاحات في بنية شركاتنا المساهمة العامة في دول المجلس، وهذا لا يتم إلا من خلال توحيد المعايير، والمقاييس، والشروط التي تحدد قدرة الشركات المساهمة، ومركزها المالي، وسياستها الإنتاجية، ونوعية المنتجات التي تقدمها، ومدى حاجة السوق الخليجية إليها، وأن تكون هناك رؤية تنموية في دول المجلس يتم من خلالها تحديد دور الأسواق المالية الخليجية فيها، ومن ناحية أخرى تطوير وتحسين القوانين والتشريعات في الأسواق المالية، وتوحيدها، وهذا يشكل جزءاً من تحقيق إصلاحات حقيقية في الهياكل والقواعد الاقتصادية في دول المجلس.
كذلك، تؤكد الحاجة إلى تحقيق إصلاحات اقتصادية ومالية، تحرير أسواق المال أمام رأس المال والاستثمارات المحلية، ثم الخليجية، ثم العربية، قبل الشروع في تحرير الأسواق أمام الاستثمارات الأجنبية، نظراً إلى مخاطر الاستثمارات الأجنبية إذا لم نعمل على تحديد مساراتها، وقنواتها، ومجالاتها.
كما يحتم الأمر ربط الأسواق المالية في دول المجلس بالاقتصادات الوطنية فيها، باعتبارها قناة بين المدخرين والاقتصاد الوطني، وفي آجال طويلة، وقطاعات إنتاجية، مع أهمية الالتزام بالشفافية والوضوح في حركة التداول، وتحجيم محاولات الاحتكار.
إن تعزيز الرقابة على المؤسسات لتحصين الأسواق، والحد من المضاربات الضارة فيها، واختراق الأموال الساخنة لها، يشكل أحد مطالب الإصلاح المالي، مع أهمية العمل بشكل حقيقي وفعال بين دول المجلس، لمواجهة أي أزمات قد تتعرض لها أي سوق من أسواق رأس المال في دول المجلس، باعتبار أن آثارها تنتقل إلى الأسواق الأخرى، وتؤثر بشكل مباشر في اقتصادات الدولة والمنطقة.
وحيث إن الشركات العقارية أصبحت شركات قيادية في اقتصاداتنا، وأسهمها تقود حركة الأسهم في أسواقنا، فإن دمج الشركات العقارية، والتوقف عن التوسع في مشروعات عقارية تفوق الطلب، أو استنساخ المشروعات التي لا تخدم أهداف التنمية، تشكل أحد أهم مطالب الإصلاح الاقتصادي والمالي في دول المجلس.
إن الإصلاحات الاقتصادية السالفة الذكر تتطلب الإيمان المطلق بضرورة تحقيقها من مختلف المستويات السياسية والاقتصادية في كل من دول المجلس، كما أن الحركة الإصلاحية مرهونة بمدى توافر تلك القناعات التي تبدأ بضرورة المصارحة، والمواجهة، والاعتراف بوجود اختلالات هيكلية في الاقتصادات الوطنية، وضرورة مواجهتها، واتخاذ القرارات اللازمة نحو إصلاحها.
كما يجب الإقرار بأن هناك تحديات تواجه، وستواجه الاقتصادات الناشئة، منها اقتصاداتنا الوطنية، ومنظمة التجارة العالمية ومتطلباتها، لاسيما أن دول المنطقة ملزمة بتنفيذ تلك المتطلبات، ثم هناك العولمة الاقتصادية بكل تداعياتها وطقوسها، ثم متطلبات تحرير الأسواق، وحركة التجارة الإلكترونية، فالقطار العالمي يسير بسرعة قياسية، وإذا لم نعمل على وضع برامج إصلاحية تعزز أوضاعنا الاقتصادية، وتحصن أسواقنا التجارية، فإننا سنتخلف حتماً عن الركب، وعندها سيكون تصنيف اقتصاداتنا، بل دولنا، في ذيل العالم، بعد أن تتضح معالم الخريطة الاقتصادية العالمية خلال الألفية الحالية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .