أبواب

ظبية خميس وليل العرب الحالك!

ميره القاسم

مرة أخرى تجعلني الأحداث أستمر في الحديث عن الحرية والمسؤولية في عالمنا العربي، وبعد أن تطرقت في مقال سابق هنا إلى مأساة تعرض الإعلامي المصري وائل الإبراشي للمحاكمة بمواد قانونية لا يحاكم بها إلا من يُتهمون بالإساءة للوطن أو خيانته! بسبب انتقاده أحد قرارات وزير المالية المصري حول الضريبة العقارية، الغريب أننا ما إن نتوهم أن هذا حادث عابر إلا أن الأمر سرعان ما يتكرر وان اختلفت الصور أو تباين الأشخاص والمسببات، حيث أصبح من الثابت فى بلداننا العربية أن بعض المتحكمين في الأمور يجعلون من سلطاتهم سيفاً مصلتاً على رقاب من يختلفون معهم في الرأي!

في هذه المرة يتكرر الأمر ولكن على المستوى السياسي، ليتأكد لنا تقهقرنا في ذيل الأمم، فما تعرضت له الصديقة الشاعرة الإماراتية والسفيرة ظبية خميس، وما أُحيك ضدها في دهاليز وأروقة جامعة الدول العربية بالقاهرة، لا يمكن وصفه إلا بأنه تجل من تجليات واقعنا السياسي المتخبط والمتردي في آن، حيث إن ظبية التي تشغل مديرة إدارة البعثات بالجامعة، بدرجة وزيرة مفوضة، لم ترتكب جرماً وظيفياً، أو أخلّت مثلاً بقواعد العمل ما يعرضها للفصل وحجز ممتلكاتها، وقد جاء في رسالتها التي بعثت بها إلى كل من رئيس اتحاد كتاب العرب الكاتب محمد سلماوي، ورئيس اتحاد كتاب الإمارات الكاتب حبيب الصايغ، «أعلم علم اليقين أن ليل العرب حالك حتى القتامة على كل المستويات، وخصوصاً السياسية والثقافية، غير أن ذلك لا يمنعني من البحث حتى لو عن بصيص نور شحيح، ولطالما احترقت يداي بجمر ذلك البحث الذي لم يضحَ رماداً بعد، أتوجه إليكم باعتباري كاتبة عربية إماراتية لمطالبتكم باتخاذ موقف تجاه ما تعرضت له من تعامل جائر داخل أروقة جامعة الدول العربية، وعلى يد أمينها العام السيد عمرو موسى، وعدد من أعوانه، إثر كتابتي مقالاً على موقعي مدونة (روح الشاعرة) في مدونات مكتوب في شهر سبتمبر ،2009 والذي كان مراجعة لكتاب عن جامعة الدول العربية لمؤلفته السيدة كوكب الريس، والتي عملت سابقاً في الجامعة لمدة 30 عاماً، ومرت بتجربة مريرة كتبت على إثرها ذلك الكتاب موثقة التحولات التي طالت الجامعة خلال فتراتها المختلفة». تضيف ظبية في رسالتها متحدثة عن مأساتها «باعتباري أعمل في جامعة الدول العربية منذ عام 1992 وبدرجة وزيرة مفوضة وأسهمت في محاولات ممتدة غير مجدية لتطوير العمل بداخلها، وخصوصاً في حقبة عمرو موسى فقد وُوجهت بعدد من الانتهاكات لحقوقي وإساءة المعاملة».

إن ما يحدث مع كاتبة في قامة ظبية خميس، وما تكرر من قبل مع كثيرين غيرها يجعلنا نعيد السؤال مرة أخرى: لماذا يصر المسؤولون العرب والسياسيون على وجه التحديد على حصر الحرية في امتداحهم ولا بل ألف لا لمن ينتقدهم من قريب أو بعيد؟ وإلى متى يظل المبدعون في بلادنا وأصحاب وجهات النظر والرؤى المختلفة أسرى رؤسائهم في وظائفهم؟ فما فعلته ظبية لم يتجاوز عرضها لكتاب يؤرخ لفترة ما من عمر جامعة الدول العربية التي لم تكن في حاجة لكتاب مثل هذا على الرغم من قيمته، لأن رجل الشارع العادي من أزمنة بعيدة وهو يسأل: ماذا فعلت تلك الجامعة تجاه قضايا العرب المهمة سوى الشجب والإدانة والاستنكار وحتى ذلك لم يعد متاحاً!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر