كيد الكتّاب
يقول الكاتب المصري هشام أصلان في تقرير نشر في الملحق الثقافي لصحيفة الدستور الأردنية، حول وفاة الناقد والكاتب المصري فاروق عبدالقادر «خرجنا من عزاء الناقد الكبير فاروق عبدالقادر يوم الجمعة الماضي، نحمد الله على أنه لم يترك أبناء يلعنون الوسط الثقافي الذي ينتمي إليه، وامتدت صداقته ببعض أفراده أكثر من 40 سنة. خرجنا غير مصدقين ان هذا هو عزاء فاروق عبدالقادر، رغم عنفه وحدته تجاه مدعي الثقافة، عندما عرفنا أن جنازته لم يحضرها سوى أربعة فقط من أصدقاء الكتابة: إبراهيم أصلان وخيري شلبي وسعيد الكفراوي وكمال رمزي، وأنه لم يصل غيرهم، ولم يجد من يحمل جسده مسافة متر بين النعش والقبر».
أُنهي هذا الاقتباس لأبدأ بالحديث عن الكيد الذي يحمله الكتاب العرب تحديداً لبعضهم بعضاً، خصوصاً في اللحظة الذي يتوارى جثمان الكاتب في اللحد المُعد له، ذلك أن الكثير والعديد من الكتاب ينتظرون موت الكاتب كي تبدأ عندهم حالة إيقاظ الضغائن النائمة وشحذ الهمّة العدوانية في تجريح الكاتب المتوفى، بالمقابلات والحوارات وربما بالمقالات النقدية التي لن توفر خدش روح صاحبنا المتوفى بشتى الطرق الضغائنية.
وقد سبق للشاعر العراقي الراحل عبدالوهاب البياتي أن قال إن المطربين هم من جعلوا الشاعر الراحل نزار قباني شاعراً، ويقال في هذا السياق إن أحدهم سارع إلى إخبار الشاعر نزار قباني وهو في غرفة الإنعاش بما قاله عنه البياتي، ويقال ان هذا أحد الأسباب التي عجلت بموت الشاعر نزار قباني.
وفي الإطار نفسه يمكن هنا استذكار الهجمة التي قام بها بعض الكتاب والشعراء العرب على المنتج الشعري للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، باعتباره من الشعراء الذين يسوقون لثقافة الأسطورة التوراتية، هذا إضافة الى الفرحة المكبوتة التي أطلقها بعض قصار القامة من الشعراء العرب احتفاء بموته وغياب حضوره الشعري الساطع والمهيمن.
وكلنا يذكر الدعوة التي سبق أن أقامتها زوجة الشاعر المصري صلاح عبدالصبور ضد بعض أصدقائه الذين اتهموه في سهرة بأنه خان قناعاته النضالية في تعامله مع السلطة القائمة، وأنه عاد بعد تلك الليلة وأصيب بجلطة أدت إلى وفاته.
وفي السياق ذاته نذكر المقابلة التي أجراها الشاعر والصحافي عبده وازن مع الشاعر أدونيس، ونشرت في ثلاث حلقات في جريدة «الحياة» اللندنية، فقد أطلق ادونيس في هذه المقابلة النار على جميع الشعراء الموتى، معتبراً أن السياب لم يكتب إلا مجموعة قصائد متميزة، بينما اعتبر أن قصائد الشاعر العراقي الراحل عبدالوهاب البياتي ساذجة، أما بالنسبة للشاعر الراحل محمود درويش، فاعتبر أدونيس ان الراحل درويش استفاد من ذكائه في كتابة الشعر وتسويقه، مؤكداً أن قصيدة درويش الذائعة الصيت «أحن الى خبز أمي» من القصائد الساذجة.
إلى هذا الحد بلغ كيد الكتاب وكهنهم وضغينتهم التي لا تنهض ولا تستيقظ إلا على إيقاع موت الكاتب الند.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى الضغط على إسمه