رؤية

هل انتهى بركان الأزمة المالية العالمية؟

نجيب الشامسي

تختلف آراء المحللين وكبار الاقتصاديين والإعلاميين حول الأزمة المالية العالمية، التي تفجّر بركانها في أغسطس ،2008 وسر هذا التباين يكمن في تفاوت معطيات الأزمة وانعكاساتها من منطقة اقتصادية إلى أخرى، ومن ناحية نوع الاقتصاد، سواء كان خدمياً أو إنتاجياً، ويعتمد تأثر هذه الاقتصادات وقدرتها على الخروج من تأثيرات الأزمة، على درجة ارتباطها بالاقتصادات التي انفجر فيها بركان الأزمة.

ويُبنى التفاوت في الآراء كذلك على مصادر القوة الكامنة في اقتصادات منطقة دون أخرى، إذ تستحوذ اقتصادات معينة على مصادر طبيعية تؤهلها للحد من تأثيرات الأزمة عليها، فيما لاتزال هناك اقتصادات تعاني لكن بدرجة مقبولة، وهناك اقتصادات أخرى أعادتها الأزمة المالية إلى غرفة الإنعاش، مثل اقتصاد اليونان الذي مازال يتلقى الإسعافات الأولية من قبل المؤسسات الاقتصادية الأوروبية والدولية، ومنها صندوق النقد الدولي، وهناك اقتصادات أخرى مازالت مرشحة للدخول إلى غرفة الإنعاش، ومنها اقتصادات أوروبية عريقة، فيما هناك اقتصادات تحول بها الأثر المالي إلى الأثر الاقتصادي وأصبحت أزمتها اقتصادية بشكل واضح.

ومما يؤكد استمرار تداعيات وانعكاسات بركان الأزمة المالية، أن الأسواق المالية، ومنها الأسواق المالية بدول الخليج، مازالت تعاني من تداعيات هذه الأزمة، على الرغم من محاولات الإنعاش التي قامت وتقوم بها حكومات تلك الدول، وعلى الرغم من «الحُقن المالية» التي تتلقاها تلك الأسواق بشكل أسبوعي من قبل الحكومات والمؤسسات المالية، كما أن من مؤشرات استمرار آثار ذلك البركان ارتفاع معدلات البطالة في مختلف دول العالم، وتراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما أثر في الطلب العالمي، وعودة ارتفاع نسب التضخم العالمي ليشمل ذلك دول الخليج.

من ناحية أخرى، فإنه على الرغم من جهود المصارف والسلطات النقدية المركزية في دول العالم التي سعت إلى ضخ مليارات الدولارات لتحسين مستويات السيولة في اقتصاداتها، وعلى الرغم من خطط التحفيز التي أطلقتها بعض الدول عبر إجراء تخفيض لنسب الفوائد في محاولة لإنعاش اقتصاداتها ثم التوسع في الإنفاق الاستهلاكي، وزيادة الإنفاق الخاص والحكومي تالياً، إلا أنه حتى الآن مازالت ظلال الأوضاع المالية والاقتصادية، وكذلك الضغوط التضخمية، تسود مختلف اقتصادات العالم، ومازالت هناك دول معرضة لخطر اللحاق باليونان، ومنها دول أوروبية مثل ايطاليا والبرتغال واسبانيا، ودول من أميركا اللاتينية مثل فنزويلا والأرجنتين.

ومن هنا، وفي ظل تزايد ارتباط اقتصادات دول الخليج وانفتاحها على اقتصادات العالم، ولاسيما المتأثرة ببركان الأزمة، فإنه يجب أن تتخذ هذه الدول كل احتياطاتها وتحصيناتها للحد من آثار ذلك البركان، حيث مازالت آثاره قائمة وانعكاساته حاضرة سواء في الطلب على النفط، أو الضغوط العالمية على دول الخليج بتحمل جزء من تبعات هذه الأزمة، أو بالضغوط التضخمية واستشراء البطالة.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجي الضغط على إسمه

تويتر