أبواب
ليالي رمضان الشعبية
لا يعرف عشاق مسلسل «باب الحارة» حكاية إنتاجه، وكيف نفذت أجزاؤه في ظروف غير مألوفة. كان سيناريو الكاتب محمد مروان قاووق طويلاً وتفرعات حبكة قصصه وأحداثه متشابكة، بحيث يمكن أن يصل زمن عرضه الى 60 حلقة، لهذا تقرر، نظراً لجودة السيناريو، عدم اختصاره، إنما تصويره في جزأين، يصور الأول ليعرض في شهر رمضان، ويشرع، بعدئذ، في تصوير جزئه الثاني، ليعرض في رمضان الذي يليه. غير أن تخوّف الإنتاج من حصول مشكلات تنفيذية، قد تأتي من اعتذار بعض ممثليه الرئيسين من العمل في جزئه الثاني، لانشغالهم في مسلسلات رمضانية أخرى، ما يؤثر حتما في مصير المسلسل، لهذا تقرر تصوير الـ60 حلقة دفعة واحدة.
وهكذا حصل، نجح الجزء الأول وفاق نجاح الجزء الثاني كل التصورات وحطم كل الأرقام القياسية، وتوّج نجاحه باستضافة مخرجه بسام الملا في نشرة أخبار قناة «العربية»، والاتفاق معه على عقد وقعه مع إدارة قناة «إم بي سي» التي بادرت بإنتاج جزء ثالث منه، واشترت حقوق عرضه، حصرياً، في فضائيتها في رمضان العام المقبل. ونتيجة لهذا النجاح استمر إنتاج أجزائه الثلاثة الأخرى، لتصل في مجموعها إلى خمسة أجزاء، وسيعرض جزؤها الخامس والأخير في رمضان المقبل.
سادت في فترة سابقة أعمال درامية سميّت «الفانتازيا التاريخية» وانتشرت، بعدها، أعمال يمكن تسميتها «الميلودراما الشعبية»، ولعل الفرق بينهما، يشابه الفرق بين فيلم من أفلام «الخيال العلمي» وفيلم من أفلام «الواقعية الخيالية أو السحرية»، حيث يتأسس كلاهما على «فكرة فنية» ومغزى واقعي. وإذ يعبر النوع الأول عن فكرته بأحداث وشخصيات خيالية صرفة، يعبر النوع الثاني عن فكرته بأحداث وشخصيات قريبة الصلة بالواقع. غير أن فكرة «الفانتازيا» السورية، كانت فكرة افتراضية صرفة، اختلقت شخصيات خيالية، ونسجت أحداثاً غرائبية وصنعت بيئة خرافية، أما فكرة «الميلودراما» الشعبية، فإن واقعيتها لم تأتِ من أي حارة دمشقية بعينها، إنما أتت من آليات ثقافـة شفويـة تحاكي بشكل مُتقن ومتطور تقاليد تلك الأعمال الدرامية الناجحة، التي سبق أن أنتجها التلفزيون السوري في بداياته، والتي كانت تستقي مادتها الفنية من الحارة الدمشقية كمسلسلات «حمام ألهنا» و«أولاد بلدي»، و«حارة القصر» وهي مسلسلات قدمت «كاركتارات»، جسدت مظاهر الحياة الشعبية مثل غوار وأبوفهمي وأبوشاكر وأبوصياح وأم كامل.
في محل لإصلاح السيارات، في العاصمة صنعاء، اعتذر ميكانيكي عن إصلاح سيارة، لأنه كان يتابع، بشغف، مشاهدة حلقة من «باب الحارة»، غير انه بادر لاستضافة صاحبها وعرض عليه أن يبدأ في إصلاح سيارته، خلال الفواصل الإعلانية! وهكذا حصل! انتهت الحلقة وانتهى إصلاح السيارة وعبر صاحبها عن سروره من الضيافة، وعبر الميكانيكي عن سروره من المال الذي قبضه، من دون أن يضطر، هذه المرة، لمشاهدة أي فاصل إعلاني.
تستمر دار نشر كنعان في دمشق في إصدار سلسلة من كتب، يعدها الناقد محمد منصور حول الدراما التلفزيونية السورية، والتي صدر منها حتى الآن ثلاثة، منها كتاب عنوانه «بسام الملا.. عاشق البيئة الدمشقية».
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .