تفاصيل صغيرة
بدأ الناقد البحريني حسن حداد يمارس النقد السينمائي في الصحافة البحرينية والخليجية منذ عام ،1980 وأخذ يشرف على موقع «سينماتك» الإلكتروني، منذ عام ،2004 ورغم أنه يجد السينما المصرية متخلفة، مع تاريخها الطويل، لأنها لم تواكب السينما الجديدة، ولأن مخرجيها يفتقدون الجرأة الفنية، مع أن عدداَ منهم قدم سينما مختلفة بموضوعات جريئة، لكن دون أن يتخلوا عن شكل وأسلوب الفيلم التقليدي، وحصل في سينما الثمانينات والتسعينات الماضية، أن نجحت في تقديم تجارب متمردة، كانت قليلة، خالفت التيار التقليدي. ويختار الناقد من بين أولئك المخرجين المختلفين، محمد خان ليؤلف عنه كتابه «سينما الشخصيات والتفاصيل الصغيرة/ 2006»، الذي يتناول فيه بالنقد 18 فيلما من أفلامه، يجد أنها تعبر عن تجارب سينمائية مهمة، وتشكل علامة طليعية بارزة وتطوّر من لغة سينمائية مميزة، كيف؟
يعترف المخرج بأن «طائر على الطريق» هو بدايته الحقيقية في السينما، لأنه في أفلامه التقليدية الثلاثة السابقة، كان يبحث عن شكل جديد، ويأتي فيلمه الخامس «موعد على العشاء»، بطولة سعاد حسني وأحمد زكي، لـ«يكشف عن تطور موهبته الفنية» لكنه يتراجع بعده، ليصنع «نصف أرنب»، وهو فيلم إثارة وعنف، يجده الناقد «أفضل ما قدمته السينما المصرية في مجال الحركة «والأكشن»! والغريب أن كاتبه بشير الديك، الذي كتب له السيناريو في ثلاثة أسابيع فقط، يعترف بأن الفيلم ساذج، وكان الهدف من صنعه حل مشكلة مالية، عاناها والمخرج، وأنهما كانا بحاجة ماسة إلى الفلوس. والطريف أن شخصيات الفيلم، هي أيضاً بحاجة مماثلة إلى الفلوس، لهذا نجدهم يلاحقون رحلة شنطة مسروقة، تحوي نصف مليون جنيه، منذ خروجها من البنك حتى ضياعها في النيل!
يعود المخرج نفسه ليعترف بأنه صنع فيلمه رقم 16 «يوم حار جدا» ليغطي خسارة تعرض لها في فيلم سابق! ورغم أنه أخفق، إلا أن الناقد يبرر إخفاق مخرجه، ويرى أن من يبحث عن فيلم جيد «قد ينجح وقد يخفق»! ثم يأتي «الحريف»، بطولة عادل إمام، بثورة للمخرج على «الحكاية» التي يعيد الناقد سردها، لنكتشف أنها حكاية تقليدية، لا تدل على أي ابتكار! والمفارقة النقدية في أن الثورة الشكلية، أكانت في المسرح أو في السينما، لا تأتي من التنكر للحكاية، لأنها، منذ أرسطو حتى بريشت، كانت تشكل، ولاتزال، أساس البنية الدرامية! أما الفيلم السابع «خرج ولم يعد» فلم يستطع، بدوره، أن يقدم أي خطوة فكرية أو فنية للمخرج، الذي يحكي فيه عن بطل (يحيى الفخراني) يهرب من جحيم المدينة إلى جنة الريف!
فيلم «السادات» الإشكالي هو وقفة الناقد الأخيرة: «فيلم مهم، رغم أن صانعه وقع في (شرك)، وكان ضحية سيناريو ضعيف ومترهل»! وفي نحو 10 صفحات أخيرة، يدخل الناقد الى «عالم محمد خان الفني والفكري» لكنه يتراجع فيها أمام المخرج ويتيح له الفرصة ليتحدث عن تجربته وصراعه من أجل الوصول إلى فيلم جيد متكامل، يتوحد فيه الشكل مع المضمون.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .