رؤية
المسؤول السوبرمان!
تشهد الساحة الاقتصادية والإدارية في إمارات الدولة وجود عدد من المسؤولين يحظون بثقة كبيرة من قبل أصحاب القرار تتجاوز حدود قدراتهم وإمكاناتهم الذاتية، وتناط بهم مسؤوليات كبيرة وعديدة تفوق وقتهم وقدراتهم، كأن يصبح مسؤولاً تنفيذياً في دائرة أو شركة أو هيئة اتحادية أو محلية، وفي الوقت ذاته، يكلف مسؤوليات وعضويات في مجالس إدارات العديد من الشركات والهيئات والبنوك، ربما يصل عددها إلى أكثر من (40) منصباً! فهل يستطيع هذا المسؤول أن يستوعب أعمال ومهمات كل هذا الحجم من المسؤوليات؟! وهل يستطيع هذا المسؤول «السوبرمان» أن يوفق بين كل تلك المهمات من ناحية، وأعماله الخاصة التي تتطلب منه إدارة ومتابعة الأعمال فيها، كالشركات التي يمتلكها شخصياً، والمحافظ الاستثمارية التي يديرها بنفسه؟ فأي قدرة تلك التي يمتلكها هذا المسؤول؟! وهل عقمت الإمارة أو الدولة عن إنجاب عناصر مواطنة قادرة على تحمل جزء من تلك المسؤوليات؟! لماذا يحظى هذا المسؤول بكل هذه الثقة، فيما لا يجدها غيره، على الرغم من وجود كفاءات وطاقات بشرية مواطنة وأمينة وواعية تملك القدرة على تحمل بعض من تلك المسؤوليات؟!
إذا كان هذا المسؤول عضواً في مجالس إدارات هذا الكم الهائل من الشركات والهيئات والدوائر، فهل يمكن أن يوفّق في تحمل مسؤولياته؟ وهل يستطيع متابعة حتى أجندة كل هذه الاجتماعات التي يحضرها بما يمتلكه من إمكانات استثنائية؟! لماذا لا يعتذر هذا المسؤول (ذو القدرات الخارقة) عن قبول عضوية مجالس إدارات جديدة ويكتفي بعدد معقول؟ أم أن المسألة هي وجاهات اجتماعية وملء جيوب وتعظيم أرصدة؟!
إن تحميل هؤلاء المسؤولين كل تلك المهمات، إنما يسهم في حدوث تجاوزات، ومنها الفساد الإداري والمالي، الذي يكون هذا المسؤول طرفاً فيه ويتغذى منه، أو لعدم قدرته على المتابعة والتدقيق ومراجعة الأجندة وحسابات الأرباح والخسائر والموازنات للشركة والهيئة، لذلك، فإن المدير التنفيذي في تلك الشركة أو الهيئة يكون صاحب القرار الحقيقي بعد أن تصبح موافقة أعضاء مجلس الإدارة أمراً صورياً أو شكلياً أو قراراً اعتيادياً، خصوصاً أنه في أحيان كثيرة تكون قرارات مجلس الإدارة سريعة أو بالتمرير بسبب ضيق وقت أعضاء مجلس الإدارة وكثرة انشغالاتهم وارتباطاتهم وأعمالهم التي تحول دون اطلاعهم على أجندة الاجتماع إلا في موعد انعقاده أو أثنائه، ما يعني وجود تجاوزات قد تكبد الهيئة أو الدائرة أو البنك أو الشركة خسائر كان بالإمكان تجنبها، وفساداً كان بالإمكان تجاوزه إذا ما تم توزيع المناصب على عدد أكبر من المؤهلين من أبناء الدولة!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .