القرطاسية بعد الخضار
ذهب موسم البقدونس والكوسا والخيار، وجاء موسم «المحاية والبرّاية والحقيبة والمقلمة». انتهى دور تجار الخضار الذين فازوا بنصيب وافر من القصعة من تحت رأس شهر رمضان، ويحين الآن دور تجار القرطاسية ليجمعوا ما يقع تحت أيديهم من تحت رأس العودة إلى المدارس.
هدأت أسواق المواد الغذائية لتشتعل أسواق المواد القرطاسية، وهي مواسم، موسم يتلوه موسم، ولا يكاد «الموظف الغلبان»، على رأي كتّاب الأفلام العربية، يرفع رأسه بعد ضربة حتى تأتيه ضربة أخرى تدخله في حالة دوار شبه دائم، وتضعه أمام راتبه الشهري في حالة سباق متواصل ليس بعده خط للنهاية. في المواسم مصالح، ولا بأس من أن يتبادل الناس المنافع لتتحرك الحياة، فتنشط سوق بضاعة في وقت، ويزداد الطلب على بضاعة ثانية في وقت آخر، وثالثة ورابعة حسب تداول الأيام والفصول، ولكن في إطار توازن يحكم هذه المصالح فلا يجور طرف أقوى على حساب الطرف الأضعف. والمستهلك الذي يفترض أن تكون «الرمانة» بيده يبدو دائماً هو الطرف الأضعف. فيكون التحكم بيد التاجر يدير مفتاحه كيفما يشاء وفي الوقت الذي يناسبه. وربما يتحمل هذا المستهلك جزءاً من مسؤولية تهميشه بسبب قلة وعيه بحجم تأثيره ولامبالاته، ولكنه في الغالب يكون ضحية ضعف آليات الحماية التي يحتاج إليها. وإدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد لن تستطيع أن تفرض وحدها على التجار احترام حقوق المستهلك ومراعاة ظروف الناس. فالسوق أكبر بكثير من قدرة إدارة في وزارة، وأدواته لاتزال أقوى من أدواتها، وأساليبه أكثر خبرة منها. لذلك وجدت في الدول المتقدمة مؤسسات ومنظمات رسمية وأهلية عديدة وتحظى بغطاءات قانونية واسعة وقوية تمكنها من مجاراة التجار الذين يتصيدون كل فرصة لإفراغ ما في جيوب الناس.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .