ضرر الإحباط أكبر!
قبل ثلاث سنوات تقريباً، وقبل إقرار قانون الموارد البشرية الجديد لدوائر دبي، كان الموظفون على الدرجة الرابعة فما فوقها يستحقون مبلغاً مقطوعاً بدلاً من رسوم مدارس أولادهم، بشكل سنوي، ولكن مع تغيير القانون وتطبيق النظام الجديد تم إلغاء هذا البند.
طبعاً لا خلاف على ذلك، إن كانت مزايا القانون الجديد أفضل في أمور أخرى، ولا مانع من إلغاء البند لو أن الإلغاء شمل الموظفين كافة على الدرجات المستحقة لبدل المدارس، ولن يعترض أحد أبداً إن كان إلغاء البدل من أجل توفير المبالغ لأمور أكثر أهمية، كل ذلك سيكون مقبولاً ولا اعتراض عليه، ولن يكون محل إحباط أو تذمر أحد، فالمساواة هي عدالة في كثير من الأحيان!
ما حدث غريب، فالقانون الجديد لم يتطرق إلى استحقاق الموظفين بدل تعليم الأبناء، ولكن هناك تعميماً يصدر سنوياً يتم توزيعه على الدوائر بصرف المبلغ لفئات وظيفية معينة، وفي هذا العام صدر تعميم بصرف البدل لجميع الموظفين الذين كانوا يتقاضون هذا البدل قبل تنظيم القانون الجديد فقط، وبذلك تم حرمان شريحة كبيرة من الموظفين من المبلغ، حتى وإن كانت درجاتهم الحالية توازي الدرجات السابقة التي كانت تستحق البدل، ليس هذا فقط، بل هناك موظفون كانوا على الدرجة الرابعة وما فوق، يعني من المستحقين، في ذلك الوقت لم يكن أبناؤهم أتموا السنوات اللازمة لدخول المدارس مثلاً، وبالتالي فهم لم يستفيدوا من البدل عندما كان القانون يتيحه لهم، هم الآن، وبعد ثلاث سنوات، محرومون منه لأن التعميم اليوم حرمهم منه!
ثم إن الأمر برمته لا يستحق أبداً إعطاؤه لموظفين ومنعه عن آخرين، فالمسألة كلها لا تتعدى 15 ألف درهم سنوياً لكثير من الدرجات الوظيفية، وهي بالتأكيد لا تكفي لتعليم طالب واحد في الـ«كي جي»، فما الذي يمكن أن تفعله لثلاثة أو أربعة أبناء في مراحل مختلفة، هو لا شك مبلغ رمزي، تكمن أهميته في مساعدة الآباء في جزء بسيط جداً من متطلبات المدارس ورسوم التعليم، وهو بالنسبة لهم دفعة معنوية أكثر منها مادية، وبالتالي فإن القصة لا تعادل أبداً حالة الإحباط التي يشعر بها كثيرون بعد استثنائهم من هذا البدل!
ومن كان يعتقد أن القرار أدى إلى توفير مبالغ كبيرة، فهو مخطئ، فبالإضافة إلى كون إجمالي المبلغ زهيداً جداً كما ذكرت، فإن الواقع يشير إلى توافر الميزانيات عند كثير من الدوائر لتغطية هذا البدل، وحتى إن لم يكن متوافراً فهو بإجماله لا يتعدى ملايين بسيطة للغاية، لا تسمن ولا تغني في باب التوفير شيئاً، وعلى سبيل المثال كان مخصص بدل تعليم الأبناء في واحدة من أكبر دوائر دبي يعادل بالضبط وبالدرهم أربعة ملايين فقط لا غير، مع ملاحظة أن هذا الرقم سنوي، وليس شهرياً، وبالتأكيد لا يقارن إطلاقاً بمدخول هذه الدائرة!
لن نقف كثيراً عند الموضوع إن كانت المصلحة العامة تحتم ذلك، ولكن تضييق نظرة التوفير عند الأمور البسيطة والمهمة، لن تكون لها سوى آثار سلبية جداً خصوصاً معنويات الموظفين وإنتاجيتهم، ولا شك أن ذلك ليس هو الهدف الأسمى عند مديري الدوائر والمسؤولين الكبار.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .