خدمات أم طقوس
يتفق المختصون على مخاطر الضوضاء والضجيج على الإنسان والحيوان والنبات على حد سواء، فيسبب للأول أضراراً نفسية وعصبية، أبرزها التوتر وقلة التركيز واضطراب النوم والصمم العصبي وفقدان السمع، وإمكانية تأثر القلب، ومن مسببات ارتفاع ضغط الدم ونسبة السكر في الدم والقرحة.
أما الأبقار فلا نتتج كمية الحليب المعتادة نفسها، ويقل إنتاج البيض لدى الدجاج، كما يتأثر نمو النباتات وتكاثرها بشكل لافت.
وينطبق ذلك على الضجيج الملحوظ في صالات استقبال المراجعين في المؤسسات الخدمية المختلفة، الذي ربما ترى فيه دليلاً على نشاط العمل فيها، أو جماهيرية الدائرة بين مثيلاتها من المؤسسات، أو طقوسا يجب عدم المساس بها!
في مقابل ذلك، قام معظم المؤسسات الأوروبية في الثمانينات من القرن المنصرم بتحويل صالات استقبال مراجعيها إلى ما يشبه الـ«كوفي شوب» الراقي تتخلله موسيقى هادئة، تقدم فيه خدماتها من دون صخب أو مناداة لفظية لمراجعيها، ما أثر إيجاباً في بيئة العمل والصحة عموماً. وهنا لابد من الإشادة بما قضت به المحكمة الاتحادية العليا من إلزام إحدى الشركات في خورفكان بتعويض مواطنين، بسبب تأثرهما نفسياً وعصبياً بالضوضاء الناتجة عن أجهزة التكييف التي أقامتها الشركة بجوار مسكنيهما، وألزمتها بإزالة مسبباتها. وإذا كانت مدينة استوكهولم قد نجحت في تحويل حرارة أجسام مستخدمي محطة القطارات الرئيسة فيها إلى طاقة، لتدفئة المحطة، ووفرت بذلك 20٪ من التكلفة، فلربما نلتمس العذر لمؤسساتنا، بل سنشجع نهجها إذا ما استخدمت الصراخ والصخب لديها في توفير طاقة ما تستفيد منها أو تفيد بها المجتمع.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .