الشمس مازالت تشرق..
في الوقت الذي كان أحمد حميد الطاير يلقي كلمته الافتتاحية، أمس، في مؤتمر مهم حول الإعلام الاقتصادي، استرجعت خبراً نشر في صحف غربية قبل يومين، ثم تبنّته وسائل إعلام عربية، هي ذاتها التي عودتنا على نقل كل كذبة وشائعة عن دبي، والتعامل معها من باب الأخبار المسلّمة.
قال الطاير: «الإعلام الغربي وكذلك العربي، تعاملا مع الأزمة المالية العالمية، بمفاهيم مختلفة، وضاعفا في كثير من الأحيان من تأثيراتها في مختلف شرائح المجتمع»، مذكّراً بكيفية استنفار تلك الوسائل كل مخزونها وإمكاناتها وتحليلات كتّابها، حول آثار الأزمة في دبي، وكيفية خلقها هالة من الشكوك والنظرة السلبية لكل مناحي الحياة.
هذا ما حدث، بل ما حدث أكبر بكثير من هذا، وإلى اليوم هناك من يحاول النيل منا، والاستخفاف بعقولنا في آنٍ واحد، فالخبر الذي استرجعته بمجرد سماعي كلمة الطاير، التي كانت رداً بليغاً عليه، وعلى شاكلته من الأخبار، يقول إن «دبي ستلجأ إلى هدم المباني والأبراج التي أنجزتها قبل الأزمة، خصوصاً تلك المخصصة للمساحات المكتبية، وذلك بعد أن انخفض الطلب عليها الآن، وأصبح المعروض منها كثيراً جداً، من دون أن يكون عليها طلب»! أليس في ذلك استخفاف بالعقول، ومبالغة في التحاليل والأخبار؟ هل هناك إنسان عاقل يمكن أن يصدق خبراً مثل هذا؟ ألا تعتقدون معي أن الخبر فيه إساءة واضحة إلى الصحف العريقة، وغير العريقة، التي نشرته ونقلته؟ ألا يندرج ذلك في خانة تضليل القراء، وتهميش مساحة التفكير في عقولهم، وتسطيحهم فكرياً؟!
أعود إلى الطاير، فما قاله أهم بكثير من الخبر الذي لا يمكن إقناع طالب في الروضة الأولى بصدقيته وصحة مضمونه، فالطاير يرى أن نجاح دبي في بناء بنية تحتية متطورة وقوية شاملة الطرق والموانئ والمطارات وخطوط النقل وشبكات الطاقة والصناعات الأساسية وقطاع الخدمات، يمثل قاعدة صلبة للنمو الاقتصادي قادرة على الوفاء باحتياجات الاقتصاد الوطني لـ30 سنة مقبلة.
بالتأكيد هذا ما يمكن أن يلاحظه كل زائر أو مقيم، وهذا ما يمكن للعقل أن يصدقه، فهو إنجاز واقعي ملموس تراه العين في كل متر مربع من هذه الإمارة، ليست جملة بلاغية ولا مجازية، إنها واقع أنجزته دبي، فهي لا تحتاج إلى أكثر من ذلك طوال الـ30 عاماً المقبلة، وأعتقد أيضاً أنه من الصعب جداً أن يجد المستثمرون والشركات الكبيرة بيئة استثمارية مناسبة أو بديلة عن بيئة دبي خلال الـ30 عاماً المقبلة التي أشار إليها أحمد الطاير، فالبناء في دبي لم يكن وليد 10 أو 20 عاماً، بل هو تاريخ متراكم من الفكر التجاري والرؤية الاقتصادية عرفت فيها دبي منذ قديم الزمان، تبلورت وتشكلت وتطورت ونمت بشكل تدريجي يواكب كل عصر وزمان، حتى وصلت اليوم إلى ما هي عليه من نمو واكتمال.
الأزمة أثرت في دبي، لا شك في ذلك، لكن دبي تماشت معها، عايشتها بكل ما فيها، وواكبتها، وهي الآن تستعد لتجاوزها، في النهاية كانت الأزمة تحدياً وتجربة وامتحاناً، وسلبيات لا تخلو من الإيجابيات.
واليوم نستطيع أن نقول إن الشمس مازالت تشرق كل يوم، وسوف تستمر كذلك على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية في دبي ودولة الإمارات، هكذا نقول، كما قال أحمد حميد الطاير بالأمس.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .