من المجالس
المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية ليست عبثية، لأن العبث لا هدف له. وما يحدث في المفاوضات الجارية الآن قائم على أهداف اسرائيلية ـ أميركية واضحة ومحددة. ومن العبث القول إن هذه المفاوضات عبثية.
المفاوضات التي أدت الى اتفاقية أوسلو وما بعدها فرضت على الفلسطينيين وكل العرب الاعتراف بدولة إسرائيل على أرض فلسطين. فكانت البداية بتعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية لانتزاع الاعتراف بواقع الدولة العبرية، ثم توالت التداعيات في المواقف الفلسطينية والعربية لتصبح الممثليات الرسمية الإسرائيلية موجودة في الكثير من العواصم العربية، إما تحت لافتات سفارات إلى ممثليات تجارية واقتصادية. والمفاوضات الجارية الآن تهدف إلى تطوير الاعتراف العربي والفلسطيني خصوصاً بيهودية «دولة إسرائيل»، أي أن فلسطين التاريخية دولة لليهود وحدهم، لتتطور الأمور فيعلن وزير خارجية العدو الإسرائيلي المستوطن القادم من روسيا، أفيغدور ليبرمان، أن وجود عرب «فلسطين 48» مطروح على طاولة المفاوضات تحت بند الأرض مقابل السكان بدلاً من الأرض مقابل السلام. في المراحل السابقة من المفاوضات كان موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم داخل فلسطين بنداً أساسياً ودائماً في جدول أعمال المفاوضات. وفي المفاوضات المباشرة الحالية لا تريد اسرائيل إلغاء هذا البند فقط، وإنما الارتداد بضده ليكون ما تبقى من الفلسطينيين داخل «إسرائيل» موضوع مساومة بهدف ترحيلهم واغتصاب أراضيهم وبيوتهم لإسكان مهاجرين ومستوطنين صهاينة جدد مكانهم. إذن هذا ليس بعبث، وإن كان هناك من عبث فإنه في الموقف العربي والفلسطيني الذي ذهب إلى المفاوضات، وهو يعرف أن سقف المطالب الإسرائيلية لن يتوقف بدعم من أميركا، وهو يقف أمام تجربة قريبة وواضحة تتمثل في رفض الحكومات الإسرائيلية لما يسمى بالمبادرة العربية التي تعهدت بإعطاء «إسرائيل» الاعتراف الكامل والتطبيع الكامل والدمج الكامل مقابل العودة إلى حدود عام .1967
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .