من يصنع نموذج التنمية في دولتنا؟!
بعد عقود أربعة مضت من عمر دولة الإمارات شهدنا فيها إنفاقاً كبيراً في المال والجهد والوقت، يتبادر إلى أذهاننا مجموعة من الأسئلة المهمة، أولها حول ما إذا استطعنا أن نحقق التنمية المنشودة، وربما يكون السؤال الأصعب: هل نموذج التنمية الذي تبنته الدولة هو لمصلحة أبناء الإمارات أم أنه لمصلحة القادم من الخارج؟ وهل كل هذا الكم الهائل من الخدمات والعمران والبنية التحتية من أجل مواطنين لا يتجاوز عددهم 850 ألف نسمة ولا تتجاوز نسبتهم 8٪، أم أن هذا النموذج المتبنى، وهذا الإنفاق الضخم، وهذه البنية الأساسية من أجل 5.8 ملايين نسمة هم عدد الأجانب الموجودين على أرض الدولة؟ وهل نموذج التنمية المتبنى جاء متسقاً مع وضعية الإنسان الإماراتي وتوجهاته وقناعاته وقيمه، أم أن هذا النموذج مصمم بالأساس للوافد من الخارج؟ وهل النموذج متسم بالاستدامة أم أنه مرتبط بفترة وجود من قدموا من الخارج؟ ثم من يصمم نموذج التنمية في دولتنا؟ وما علاقته بالوطن وبتاريخ ثقافة المجتمع؟ وما مدى ارتباطه بالقضايا الإنسانية وبمستقبل هذا الوطن وأبنائه؟
تلك الأسئلة المشروعة كثيراً ما تقلق المواطن الإماراتي، وتشكل هاجساً ضاغطاً على نفسيته وفكره وآليات تفكيره، ونظرته لمستقبل وطنه وتنمية مجتمعه، لاسيما حينما يدرك أنه لم يعد حتى شريكاً فاعلاً وحقيقياً في صياغة التنمية أو اختيار النموذج المناسب للتنمية في وطنه، وحينما يدرك أن نموذج التنمية، وقوالبه ليست من وحي عقليته ونتاج تفكيره، وإنما مستوردة من الخارج ومصممة في دهاليز التنمية الأجنبية، وهي حتماً لا تتناسب قط، ولا تؤمّن بتاتاً، ولا تحقق أبداً طموحات أبناء الإمارات؛ فمن المسؤول عن استيراد تلك النماذج، وما أهدافه؟ وكيف ينظر إلى مستقبل هذا الوطن وتنميته وفق تلك الأطر المصنعة خارجياً؟
بعد مرور نحو أربعة عقود من عمر دولتنا يتأكد لنا حقيقة التنمية التي تحققت على أرض الواقع ومخرجاتها، إذ كانت مخيبة لآمال وطموحات الأبناء، خصوصاً بعد أن جعلتهم يعيشون في عزلة عن صياغة مستقبل التنمية في وطنهم، وكانت مخرجات التنمية طوال العقود الماضية تزيد من نسبة العاطلين عن العمل من أبناء الدولة، كما تراجع دور التنمية الاجتماعية، وفي المقابل تعززت الهيمنة الأجنبية على سوق العمل، وعلى الأسواق التجارية، وعلى سلطة القرار الاقتصادي والتجاري في إماراتنا الحبيبة!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه