ملح وسكر
الجولة الماضية من دوري المحترفين لم يكد لها أن تمر دون أن تظهر مشكلة تحكيمية جديدة فيها، وتحديداً في لقاء الأهلي والجزيرة الذي كان من الممكن أن يكون من أفضل اللقاءات، لولا قرار طرد مهاجم الأهلي الذي دار حوله لغط كبير واستفهام غريب، كون الواقعة مشتركة بين بشير الجزيرة ويانسي الأهلي. أساس المشكلة ألفاظ غير لائقة بين اللاعبين، إذ نال أحدهما الأصفر، بينما استحق الآخر الأحمر، حسب تقدير حكم المباراة. فما حدث ملاسنة تخللتها كلمات حمراء بين اللاعبين، فكان منطقياً أن تكون العقوبة واحدة ومتساوية بينهما، لكن أن يُطرد لاعب وينذر الآخر، فهذا ما لم نستوعبه نحن ولا حتى الجماهير الأهلاوية التي ثار سخطها وغضبها بعد أن خسر فريقها نقاط الفوز بسبب النقص العددي. القرار وضع أيضاً علامة تعجب كبيرة حوله، ولا يعلم تقديره سوى حكم المباراة ومساعده القريب من الواقعة، الأمر الذي فتح الباب أمام فرضيات وتفسيرات أخرى قد توصل تفكير البعض إلى دائرة الشك وسوء النية، لتبقى ردة فعل الحكم في النهاية غريبة القرار وغير مفهومة، إلا إذا كان قد تعامل مع الحادثة على أن هذا لاعب مواطن، وذاك لاعب أجنبي!
في أحيان كثيرة، تصل السخافة إلى حد السخرية والتهكم بالآخرين، بطريقة تجعلهم يشمئزون مما يحدث حولهم في الوسط المحيط. وحينما يسلط أحدهم مصدر نفوذه وقوته لاستخدامه لتحقيق مآرب ومنافع تعزز من وجود كيانه الذي يحاول من خلاله تسليط رأيه وفكره المضلل على عامة الجمهور، وتحويل دفة القناعة إلى بوصلة الاتجاه الذي يتقوقع فيه، فهذه مصيبة أخرى، فقد انجرف معها بعض المغرر بهم، بعد أن أصبحت لهم نظرية وأسلوب جديد تحت مسمى ودوافع «عنترية» أكثر من أن تكون منطقية.
تلك إحدى الصور الجديدة التي عكست واقعاً مغايراً عما كنا عليه قبل سنوات من الاحتراف «المزعوم»، الذي مازلنا نطبقه ورقياً ولم نلمسه فعلياً، إذ أفرز لنا تلك العينات الشاذة التي تخطت حاجز الأعراف وقواعد المهنة السليمة التي لم تكن في يوم وسيلة للتهريج والكيل بمكيالين ومصائد لهفوات الآخرين!
من شاهد لقاء الغرافة والهلال السعودي في الربع النهائي الآسيوي، يدرك تماماً أن المستديرة ليس لها أمان، حتى لو كنت متفوقاً بـ«درزن» من الأهداف. فالفريق السعودي لم ييأس ولم يستسلم حتى الرمق الأخير، وبالفعل كافح لاعبوه حتى سجلوا هدفين قاتلين أصابا جماهيره بفرحة هستيرية كبيرة، بينما أصابت مدرب الغرافة بحالة جنونية كاد يتهور من خلالها، لولا التدخل السريع والمنع الغريب من قبل رجال الأمن،إذ أمسكه أحدهم، وأطاحه أرضاً بطريقة غير لائقة، وبصورة غريبة للمرة الأولى نشاهدها في ملاعبنا الخليجية، كتلك التي كنا نشاهدها في حلبات المصارعة الحرة، حينما يجر المصارع خصمه من رجله، في صورة أشبه ما تكون قريبة من مشاهد الأفلام الهندية!
أخيراً، لم نكن نتوقع أن يتحول أحد البرامج إلى حلقة لإظهار الفضائح و«المعايرة» بين طرف وآخر، والاستهزاء ببعضهما بعضاً، وكأنها إحدى جلسات مقاهي شارع «الميناء». يا «ناس»، قليل من الاحترام لعقل المشاهد الكريم!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .