كل يوم

شأن حكومة الإمارات وحدها..

سامي الريامي

عندما كتبت مقال أمس عن ضرورة عدم الخلط بين مفهوم نظام الكفيل غطاءً ونظاماً قانونياً، وبين الممارسات السلبية الناجمة عن تنفيذه، لم أكن قد اطلعت على تصريحات السفير المصري في الإمارات، والمنشورة في صحيفة «الأهرام» المصرية، وبما أنها كانت مرتبطة بالموضوع ذاته، وغريبة بعض الشيء، كان من الضروري الوقوف عندها اليوم.

وأعتقد أنه بدايةً ووفقاً للأعراف الدبلوماسية كافة، أن السفير المصري أقحم نفسه في قضية داخلية بحتة لا علاقة له ولا لمنصبه بها، فالموضوع كما قلت، أمس، يتعلق بقانون خاص بدولة الإمارات، وحكومة الإمارات هي الوحيدة المخولة بتعديل قوانينها، وفقاً لما تراه مناسباً لمصلحة الوطن أولاً والمواطنين والمقيمين ثانياً، وليس لأحد، سواء كان دولة أو منظمة دولية أو أفراداً أو سفراء، الحق في فرض أو اقتراح قوانين داخلية تمس الحياة في دولة الإمارات.

يقول السفير المصري، في تصريحاته، إن «هناك اتجاهاً إلى إلغاء العمل بنظام الكفيل في الإمارات ودول الخليج الأخرى»، مشيراً إلى أن «سلبيات هذا النظام لا تجد مكانها في الإمارات»، ومؤكداً أن «المسؤولين الإماراتيين أنفسهم هم الأكثر مطالبة بإلغاء هذا النظام».

ونحن نتساءل بدورنا، ألا يستطيع المسؤولون في الإمارات أن يقولوا ذلك بأنفسهم إن أرادوا؟ هل ينتظر مسؤولونا سفراء دول شقيقة أو صديقة للتعبير والتصريح عن ما يجول في أروقة الحكومة من تغييرات وتعديلات في القوانين؟

بالتأكيد يستطيعون، وهم لا يعدمون الوسيلة والأسلوب والحكمة والدراية عن كيفية إطلاق التصريحات، ومتى يطلقونها، وكيف، ولمن، فلماذا حمل السفير المصري نفسه عناء آداء دور غير مطلوب منه؟

المسألة غريبة، وغير مقبولة، ثم إن التصريحات أيضاً غير دقيقة، فمن قال إن نظام الكفيل في الإمارات لا توجد فيه سلبيات؟ هناك سلبيات عدة، وهي طبيعية، نتاج ممارسات يومية من شرائح مختلفة من أرباب العمل والكفلاء، متنوعي الثقافات والنشاطات والإمكانات، ولكن كما أكدت أمس أن وجود هذه السلبيات لا يعني الانصياع وراء المطالبين، من خارج الحدود، بإلغاء نظام الكفيل، بل يعني العمل على تجاوزها. ربما تكون جزئية احتكار البشر هي الأسوأ في نظام الكفيل، فمهما كانت أعذار الكفلاء وحججهم المرتبطة بالمبالغ المالية التي دفعوها نظير استقدام العامل أو الموظف، وتدريبه، فهذا لا يعني أن يتم احتكاره لديهم طول العمر، لا مانع من بعض الضوابط، لضمان حقوقهم لكن هذه الضوابط لا يمكن أن تكون دائمة ومرتبطة بطول فترة وجود العامل على أرض الدولة، وبالتالي هناك ضرورة لإقرار مبدأ حرية الانتقال من وظيفة إلى أخرى، بعد فترة معينة، وفق ما تراه الدولة مناسباً، منعاً للاحتكار والظلم.

موضوع نظام الكفيل واضح، على الرغم من محاولات الخلط في المفاهيم، وعلى الرغم من التفسيرات غير المنطقية وغير الواقعية التي نقرأها ونسمعها، فالقانون معمول به في جميع دول العالم، ولا توجد دولة مفتوحة بالمعنى والفكرة التي يريد البعض تصديرها إلينا، وفي نهاية الأمر فإن الإبقاء على نظام الكفيل، أو إلغاءه، أو تعديله، هو شأن إماراتي صرف، لا علاقة له بالدول المحيطة، ولا البعيدة، ولا علاقة للمنظمات وتوازناتها ومكاييلها المختلفة به، وأعتقد أيضاً أنه لا علاقة للسفراء المعتمدين بالتصريح نيابة عن أحد فيه، فهو شأن الحكومة، ولها وحدها أن تقرر ما تراه مناسباً للإمارات.

reyami@emaratalyoum.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر