رؤية
مجلس الأمن الاقتصادي
إن تحقيق الأمن والاستقرار بكل صورهما يشكل مفصلاً أساسياً في تحقيق التنمية الشاملة، لاسيما التنمية الاقتصادية، وبالتالي فإن الأمن الاقتصادي يشكل جزءاً مهماً في المنظومة الأمنية للإمارات التي تنشد التطور والتقدم والازدهار والدخول في سباق مع مختلف دول العالم لتحقيق أهدافها المشروعة في التنمية والاندماج في الاقتصاد العالمي، وتبوؤ موقع مناسب في الخريطة الاقتصادية العالمية.
من هنا، فإن تحقيق الأمن الاقتصادي ـ بما فيه الأمن المالي والمصرفي ـ هو من مسؤولية الأجهزة الأمنية ثم الاقتصادية والمالية والمصرفية، وهذا الإطار يتطلب تنسيقاً مستمراً بين مختلف تلك الأجهزة لصيانة أوجه الخلل والضعف في القطاع الاقتصادي، والعمل على معالجتها وصولاً إلى تحصين اقتصادنا الوطني من أي اختراقات في نسيجه وآلياته.
تعرضت مؤسساتنا ومصارفنا وشركاتنا الاقتصادية لحالات عديدة من صور النصب والاحتيال والسرقة، ثم إلى أشكال مختلفة للابتزاز المالي المباشر أو غير المباشر، سواء المعلن عنها بسبب الصدفة أو غير المعلن عنها.
وفي ظل غياب جهاز أمني اقتصادي (مصرفي ومالي) يمتلك وسائل التنبؤ بالجريمة الاقتصادية أو محاولات الابتزاز الدولي، فإن ساحتنا الاقتصادية ستظل عرضة لعمليات النهب المستمر والاحتيال المؤدية إلى أزمات صعبة ومؤثرة في أوضاعنا الاقتصادية والمالية، وفي سمعة دولتنا في الاقتصاد العالمي.
والانفتاح على أسواق العالم لا يمنع قطعاً من المحافظة على سلامة أوضاعنا المالية وتحصين اقتصادنا من خلال آليات تؤمّن سلامة المال والعباد وسمعة البلاد من أي أزمات، ولعل وجود مجلس الأمن الاقتصادي الذي تشترك فيه مختلف المؤسسات المعنية حكومية أو أهلية، إنما يحقق هذا المطلب، كذلك فإن التسريع في معالجة ضعف التشريعات والقوانين التجارية والمصرفية والاقتصادية والعمل على تطويرها، ووضع تشريعات جديدة، كل ذلك يحقق أمننا الاقتصادي، فالأزمة المالية العالمية 2008 كشفت حقيقة الابتزاز المالي الدولي لاقتصادنا ولمجتمعنا التجاري؛ ثم إن استفحال الجرائم الاقتصادية التي تطالعنا بها صحافتنا اليومية كشف حقيقة النصب والاحتيال الذي تعرضت له مؤسساتنا المالية والاقتصادية والمصرفية، سواء من قبل المواطنين أو الأجانب، وسواء من قبل الداخل أو الخارج، وذلك بسبب ضعف التنسيق بين مؤسسات الأمن والمؤسسات الاقتصادية، وضعف التشريعات بما فيها التشريعات المتضمنة للعقوبات التي يعاقب بها الأطراف المخلة بالأمن الاقتصادي، فضلاً عن غياب الوعي لدى شرائح المجتمع، وكذلك محدوديته لدى المؤسسات المعنية التي تتعرض لعمليات نهب وسرقة واحتيال، هذا إضافة إلى أن المنافسة غير الشريفة بين مؤسساتنا المالية، لاسيما المصارف التجارية، وعدم رجوعها إلى مركزية المخاطر بالمصرف المركزي فاقمت من الضربات الموجعة التي تعرضت لها تلك المؤسسات.
من هنا فإننا نجد أنه من المناسب تشكيل مجلس على مستوى الدولة يطلق عليه مجلس الأمن الاقتصادي يكون معنياً بتحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي بالدولة باعتباره جزءاً مهماً من أمن الدولة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .