من المجالس
الانتعاش والتركيبة السكانية
يسعدنا سماع التوقعات بعودة الانتعاش إلى القطاعات الاقتصادية التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية، خصوصاً قطاع العقارات الذي كان الخاسر الأكبر بعد سنوات سمان جعلته اللاعب الأكبر في تحريك الاقتصاد وجني الأرباح، ولكن مثل هذه التوقعات لا تخلو من قلق. كانت الطفرة، وفي القطاع العقاري خصوصاً، سبباً رئيساً في أحداثه تجاه التركيبة السكانية والتكوين الوطني والطابع العربي للدولة، فقد ارتبط اسم المشروعات العقارية بجلب المزيد من السكان للعيش والإقامة والعمل في الدولة، فكانت النتيجة واضحة على الفروق التي أصابت النسب السكانية في هذه التركيبة من عام ،2005 وهو عام آخر تعداد سكاني رسمي ومعلن للدولة، حتى عام 2010 الجاري.
فحسب الأرقام الآتية من مصادر مختلفة بمؤسسات الدولة هبطت نسبة المواطنين إلى مجمل عدد السكان من 20٪ في 2005 إلى أقل من 15٪. وحسب بعض المصادر الأكاديمية فإن النسبة قد لاتتجاوز الـ8٪. بما يعني تآكل عدد المواطنين في الخريطة السكانية للدولة لنحو النصف خلال أقل من خمسة أعوام.
وقد يجادل البعض بأن القطاع العقاري لا يتحمل وحده وزر هذا الاختلال الرهيب، وهو رأي صائب إلى حد ما، ولكن الواقع يؤكد أن الرهان الأكبر كان على قطاع العقارات، وأن التوسع الذي حدث في هذا القطاع استحوذ على القدر الأكبر من الاستثمارات، الأمر الذي لا يحتاج إلى المزيد من الجهد في التفكير بأن الأسمنت المسلح الذي أكل الصحارى واستحوذ على الشطآن وناطح السحاب بحاجة إلى من يملؤه.
بمنطق الاقتصاد لم يعد الاستثمار في العقار هو الطريق الأسهل والأسرع لزيادة الثروات، وبمنطق المصلحة الوطنية والهوية الوطنية فإن للانتعاش الاقتصادي مسارب أخرى عنوانها المعرفة، واستخدام التقنيات الحديثة، وزيادة الاعتماد على أبناء الوطن.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .