أبواب
أطفال الحجارة في مهرجان أبوظبي
تتعرف مجموعة من الشباب في بيت لحم إلى صورة فوتوغرافية التقطت لهم قبل 20 سنة، حينما كانوا يشعلون انتفاضة الحجارة، ولم تكن أعمارهم، وقتئذ، تتجاوز العاشرة. يُدقق الشباب في الصورة ويجدون المكان الذي صوّرت فيه، ويبحث كلُ واحد منهم عن موقعه إلى جانب الآخر، كما في الصورة، ويرفع كل واحد منهم بيده شارة النصر، كما في الصورة، التي تدل كرمز على إيمانهم الطفولي بالنصر، وعلى الشارة كعلامة على التطابق بين الصورة الفوتوغرافية والصورة الفيلمية.
بدأ روبيرت كريغ إخراج الأفلام التسجيلية في عام ،1983 وترأس من عام 1991 حتى عام ،1996 برامج التدريب المعتمدة، لإطلاق الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني في القدس ورام الله، إذ تم تمويل المشروع من قبل الاتحاد الأوروبي ووزارة التعاون والتنمية في ألمانيا الاتحادية. وأسس في عام 1997 تلفزيون العالم بالاشتراك مع مونيكا نولت. وأخرج حتى اليوم وأنتج أربعة أفلام عن فلسطين: فيلم «الحرية.. ماذا أعني ذلك؟» في عام 1981 ـ 1982 الذي صور فيه الحياة اليومية والمقاومة في مخيمي الرشيدية وبرج البراجنة في لبنان قبل الاجتياح الإسرائيلي. وفيلم «الانتفاضة.. على الطريق إلى فلسطين» في عام ،1989 الذي تعرف فيه إلى أطفال الحجارة والناس في مدينة بيت لحم، ودخل بيوتهم وصور ورشهم السرية. وفيلم «أتيت إلى فلسـطين ـ الطريق الآخر» في عام ،1998 الذي خصصه لحركة رواد السلام في إسرائيل، وهم من أولئك اليهـود، الذين أجبروا عى الهرب من ألمانيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين، وأسهموا في بناء الدولة الإسرائيلية، وأدركوا مع الزمن حقيقة الصهيونية واغتصابها فلسطين، وأخذوا يناضلون من أجل حقوق الفلسطينييّن، في وقت كان ينظر إلى نشاطهم السياسي على أنه خيانة عظمى. وفيلم «أطفال الحجارة ـ أطفال الجدار»، الذي اختاره مهرجان أبوظبي الدولي، ليشارك في دورته الحالية في المسابقة الدولية.
يكشف الفيلم عن حياة شخصياته ويربط بين مشاهد من فيلمه القديم وبين صور أرشيفية بين مشاهد الحاضر، ويتيح الفرصة لأطفال الأمس ليعبروا عن ذكرياتهم خلال انتفاضة الحجارة، وليتناقشوا، في ما بينهم، حول ما قد حصل ويحصل اليوم في فلسطين: ماذا صنعت الحجارة في مقاومة الاحتلال؟ وماذا صنع الاحتلال، من تلك الحجارة، في بناء المستوطنات؟ بحلول نهاية عام ،2007 أنشأت إسرائيل 199 مستوطنة في الضفة الغربية، ويستطيع الفيلم، في كل مشاهده، أن يرسم بجدارة سيرة الناس والمدينة، ويترك مساحة كبيرة لتسجيل حياة شخصياته اليومية، العائلية والاجتماعية، ويتيح الفرصة لمشاهديه في التعرّف إلى المدينة، إلى ناسها وبيوتها وأسواقها ومقاهيها، كذلك التعرّف عن قرب، خلال رحلة طويلة من بيت لحم إلى نابلس، إلى كل المستوطنات العملاقة المنتشرة في أرجاء الوطن الفلسطيني وإلى ذلك الجدار الهائل، وإلى تلك الحواجز التي تطوّق حياة الفلسطيني.
نهاية الفيلم رمزية كبدايته: يضع أطفال الانتفاضة يد كل منهم في يد الآخر، ليجعلوا من أياديهم يداً واحدة قوية، تدل على حبهم فلسطين. وتدلُ في الوقت نفسه، على أملهم بوحدة حركة «حماس» وحركة «فتح»، حتى يتسنى لهما السير على خطى الانتفاضة الأولى: انتفاضة الحجارة!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .