5 دقائق

(مطاوعة!)

عبدالله الشويخ

في النهاية هم بركتنا في هذه الدنيا، نأخذهم معنا لكي نستسقي، نتقرب إلى الله بحبهم، على يد أو رجل كل منا بقايا ذكريات من أحدهم أثناء التحفيظ، تحيط ببناصرنا (دبل) بسبب مشروعات قاموا بتوريطنا فيها، يحتفظ كل منا برقم واحد أو اثنين منهم للفتاوى الطارئة وللمساعدة في حساب الزكاة أو لمعرفة النصيب الذي سيصلنا من عمة متوفاة أو خال دهسه «سكس ويل»!

غالباً ما يعملون في إمامة المساجد وأحياناً في التعليم أو المراكز التدريبية وما شابه، لكل منهم «طريقة»، فهناك من يبدي امتنانه للذين يصلون تراويح يوم رمضان الأخير بأن يخفف عنهم ويكتفي بقصار السور، وهناك من يعرب عن غضبه من غياب الكثيرين عن مسجده بتسميع نصف المصحف، منهم من ينظر إليك شذراً إذا تغيبت عن صلاة الفجر ويعطيك تقريراً بالصلوات التي لم تحضرها، ما يجعلك تشك في أنه يمتلك دفتراً للحضور، ومنهم من يحب إجبارك على مراجعة حفظك بأن يتعمد تقديمك من دون سابق إنذار لتحل مكانه، ومنهم من يطلب مقابلتك على انفراد إذا علا صوت موبايلك فجأة، ومنهم من ينظر إلى لحيتك التي لم تعد تطلقها في رسالة واضحة، منهم من يعطي المصلين «جدومي» بركعة خفيفة ثم يسدد الديون في الركعة الثانية، ومنهم من يسلم عليك ثم يرفع يديك إلى أنفه يتشممهما قبل أن يهديك كتيب «حكم التدخين».. منهم المبتسم الذي تتمنى لو انك بقيت تنظر إلى وجهه الوضاء ما بقي لك من العمر ومنهم المتجهم الذي نسي أن يتصدق قبل أن يذكرنا بذلك..

مازلنا جميعاً نهرب وترتعد فرائصنا إذا رأينا أحداً منهم في «سنتر» أو سينما، ومازلنا نتعمد أن نريهم أننا قد حلقنا على «الزيرو» بعد عودتنا من أداء حج او عمرة، هم جهة رقابية وأبوية لا نستطيع تجاهلها.. وهم آخر حبل نتعلق به للحفاظ على ما تبقى من عبق وذكريات الماضي «النظيف»!

ولما كان للكثير منهم مؤلفات ومطبوعات فهي من عناصر الشخصية الرئيسة، لا تختلف عن اللحية والجبة والعباءة وغيرها.. فهي تجد رواجاً وقبولاً لدى المحبين والمريدين.. في فرنسا أخيراً ظهر نوع من العلاج لبعض الحالات النفسية يسمى «العلاج بالقراءة الانتقائية» وتكون بأن يختار لك الطبيب أنواعاً من العناوين تقرأها بحسب مرضك العضوي، ولكل مرض كتاب أثبتت دراساتهم أنه يعينك على سرعة الشفاء، وتأثير الكتاب خصوصاً والأفكار عموماً لا يُنكر ولا يحتاج إلى اثبات، إلا أننا نقف في كثير من المرات لدى حالات معينة تجبرنا على الوقوف لمعرفة من وراءها و«ما» وراءها حالات محيرة لا تستطيع تصنيف كتبها أو آرائها مطلقاً، فعندما يأتي عازف غيتار قد تحول إلى شيخ شديد التطرف، ثم عاد فأصبح شديد «التصوف» ثم أصبح شيخاً قومياً ثم عاد فأصبح عازف غيتار ثم استبدل ايقاعاته بـ«دف».. وأجد كتبه تتحول بالطريقة ذاتها .. وأجد له من المريدين والمعجبين آلافاً مؤلفة من شباب وصغار مازالوا في مرحلة التلقي..

ألا يحق لي عندها أن أتوقف وأتساءل عن الهدف من كل هذا وإلى أين يريد أو يريدنا أن نصل؟!

shwaikh@eim.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر