5دقائق
سوبرمان.. وإخوته
من الطبيعي أن نرى تبايناً في أداء وخدمات المؤسسات العامة في الدولة، محلية كانت أو اتحادية، ولعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة تؤثر وتتأثر بها، ففي حين أن لبعضها رؤية وأهدافاً واستراتيجيات واضحة ومعلنة، فإن هناك مؤسسات أخرى لا تتماشى مع تطور الدولة وسمعتها الدولية وتنحصر مهامها في إطار ضيق وآني يجعل أداءها أقرب إلى مقولة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»!
ويشمل ذلك التباين أيضاً بعض المسؤولين فيها، ومهامهم، حيث المبالغة في التفاصيل والتدخل في أدق الأمور الإدارية وبما يتنافى مع مبادئ التفويض المؤسسي، وحيث تتركز في أيديهم كل المهام، صغيرة كانت أو كبيرة، لكي يثبتوا أن العمل مرتبط بوجودهم وأنه من دونهم سيتأثر أو يتوقف. والبعض الآخر من مسؤولين «سوبرمانيين» ذوي مسؤوليات متشعبة تفوق قدرات البشر الطبيعية، إلا أن المستغرب والمستهجن في قيام البعض بأعمال ذات طابع خاص لا علاقة لها بالمؤسسة العامة، كأن يفتتح أو يناقش أو يحاضر في موضوع يتعلق بشركاته الخاصة أثناء أوقات الدوام الرسمي، بل يقوم بذلك «أَشكَرَه» بحضور الإعلام الرسمي وتغطيته.
فإذا قام ذلك المسؤول العام بأمور كهذه، وكان «رب البيت بالدف ضارباً» فما حال وشعور موظفيه وأدائهم ؟ وكيف لنا أن نبني أجيالاً نضع الأمانة بين أيديهم ونعزز لهم أهمية الأداء المؤسسي ومبادئ العمل المحترف؟
إنه بلا شك أمر مقلق يخل بالمصلحة العامة، ولا يتفق مع أبسط قواعد العمل وسلوكياته، ومن حقنا أن نطالب بمراجعة تلك الظواهر السلبية في بيئة المؤسسات العامة، خصوصاً مع توافر الآلاف من الباحثين عن عمل، والتأكيد على خضوع العمل بشقيه الرسمي والخاص إلى ميثاق شرف يتم التقيد به حفاظاً على المكتسبات الوطنية.
كذلك من الأهمية تصنيف من ينطبق عليهم وصف «المسؤول السوبرمان»، فالغرب الذي نتعاطى مع أفكاره ونستقي منه النظريات الإدارية المختلفة ونجلب خبراءه ومحاضريه، قد اخترع شخصية «سوبرمان» لتنحصر في عالم خيال هوليوود فقط وليس في «وول ستريت» أو «السيليكون فالي».
وفي كل الأحوال فإن للـ«سوبرمان» إخوة ذوي قوة ونفوذ فاحذروهم!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .