من المجالس
بعد خبطة «ويكيليكس» بنشر مئات الآلاف من الوثائق حول الجرائم التي تمت في العراق في ظل الاحتلال الأميركي:
ماذا لو عاد صدام حسين؟ هل سيجد الاحتلال الأميركي وحلفاؤه العراقيون مسوغاً لمحاكمته مع أفراد حكومته، والحكم عليه وعلى آخرين بالإعدام؟ وإذا كان علي حسن المجيد قد استحق لقب «الكيماوي» لدوره في مذبحة «حلبجة» الكردية، ثم استحق بناء على هذا الاتهام الإعدام، فما الحكم المناسب لمن أحال العراق كله إلى حلبجة كبيرة؟ وما الوصف الأنسب لأصحاب الأيادي الملطخة بدماء العراقيين من أم قصر جنوباً حتى أقصى قرية في شمال العراق؟
أكثر من 280 ألف ضحية، منهم 150 ألف قتيل، 60٪ منهم مدنيون، فتح الطرق بالنار، وقتل من عرض الاستسلام، والقتل بالظن، واختلاط الأنساب بين القوى الأجنبية والإقليمية والمحلية العراقية، وجرائم كثيرة لم تكن خافية على العرب، على حد قول الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك، ولم تبدُ جديدة بالنسبة للقائمين على «حقوق الإنسان» في العراق، ولكنها سببت صدمة للعالم وللحكومات الأميركية والبريطانية، لأنها اخترقت كل المألوف عندهم في تقاليد الكشف عن الوثائق التي تضمن سقوط التهم بالتقادم بعد مضي أكثر من 25 سنة. والصدمة تزداد وطأة لأن الجنود الأميركيين لايزالون على الأراضي العراقية، والقوى السياسية التي اتحدت مع الاحتلال ودخلت العراق على صهوة دباباته لم تكمل لعبة «كش ملك» التي بدأتها مع صدام، ولاتزال تتعقد نهاياتها قريباً من خط النهاية. أما الأدوار الإقليمية التي عزف عليها الاحتلال وحلفاؤه لتبرير فشلهم، فقد اتضح أنها دور إقليمي واحد لا ثاني له، يلعب مع كل الأضداد ليجعل معظم خيوط اللعبة في يده، آخرها تشكيل الحكومة التي دخل الإعداد لها موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية لطول بقاء دولة في فراغ دستوري تعدى سبعة شهور.
هل ستتمكن قنابل «ويكيليكس» من إحداث هزة في عرش الطاووس، أم أنها مجرد فرقعات لا تلبث أن يطير دخانها في الهواء ليبقى الكبار فوق أي قانون؟
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .