من المجالس

ينتابني شعور بالهزل، كلما سمعت أو قرأت عن شيء اسمه «العمل العربي المشترك»، وأُصاب بحالة من الهزال، كلما حاولت أن أنفض عني ذلك الشعور بالهزل لأبحث عن العمل العربي المشترك على صفحة الخربشات العربية، أتفحص وألتمس الأعذار حتى الـ70 ألف لا الـ70 فقط، فلا أجد غير عمل عربي أو أعمالٍ عربية متنافرة لا يجمعها إلا لقاءات تبدأ بسلامات ومصافحات وتنتهي ببيانات ومواقف المشترك فيها هو الاتهامات أو المزايدات.

نفتش عن العمل العربي المشترك في العراق، فلا نجد غير العمل الأميركي - الإيراني المشترك، ونفتش عن العمل العربي المشترك في لبنان، فلا نرى غير حسابات عربية راسبة في مادة الحساب، ونفتش عن عمل عربي مشترك في السودان، فنشهد آثاراً لأقدام كل اللاعبين إلا لاعبي العمل العربي المشترك. ونصد ملتمسين العذر بعد العذر بانشغال العمل العربي المشترك بقضية القضايا العربية وأمها التي جرت خلفها كل المصائب وفرَخت سائر القضايا، وهي القضية الفلسطينية، فلا نجد لهذا العمل العربي المشترك غير غبار عابر مع رياح الجهد الأميركي والفعل الإسرائيلي.. وأخيراً الإيراني. عمل يتنفس تحت الماء ويريد أن يكون له صوت مسموع. وآخر هذه الشهقات كانت في سرت الليبية التي احتضنت قمة طارئة، ككل الشؤون العربية التي تعتبر في حكم الطارئ المؤبد. والشهقة كانت لإعادة إحياء العمل العربي المشترك. وكلمة إحياء لا تناسب إلا الموتى، وهذا لا يكون إلا بمعجزات. ولا يبدو في سماء العمل العربي ما يستدعي أو يستحق حصول المعجزات. والمعجزة المطلوبة هي إقامة اتحاد للدول العربية على أنقاض جامعة الدول العربية. والواقع يؤكد أن الجامعة ذاتها واجتماعاتها البروتوكولية والكوميدية أصبحت عبئاً على الدول العربية، التي أصبحت تعيش وهم دور الدولة الأمة بكل أبعادها الأمنية والسياسية والسيادية والاستراتيجية، ناهيك عن الاقتصادية والثقافية، أو حتى «المصالحية».

ألسنا في زمن العمى العربي المشترك؟

adel.m.alrashed@gmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة