ملح وسكر
بعد فترة شد وجذب أبصرت كأس الخليج في اليمن النور، فقد كانت إقامتها من عدمها على صفيح ساخن نتيجة الأوضاع غير المستقرة هناك. «خليجي 20» لها خصوصية من ناحية سياسية ورياضية واقتصادية، ما سيعكس مردودها على الأشقاء اليمنيين، لو كُتب لها النجاح ووصلت إلى بر الأمان. أكاد أجزم بأن البطولة سيكون لها دور في مداواة جراح اليمنيين، وستسهم في زيادة وعي جماهيرهم، حيثأ ستزيد من ترابطهم ووحدتهم التي عصفت بها معارك الجنوب وباتت تهددها. لذا فلتكن كأس الخليج فرصة ليرى فيها أشقاؤنا هناك كيف تطور إخوانهم في دول الخليج ووصلوا إلى هذه المرحلة من الرقي في جميع نواحي الحياة، فلتكن هي البداية لنزع السلاح ونشر الأمان وبتر تلك الصراعات التي شوهت جمال هذا البلد ومزقت ترابطه، فآن الأوان ليتوحد أبناء اليمن ويلتفتوا نحو بلدهم عن طريق بوابة المنتخب، حتى يمتعونا بلعبهم الكروي مثل ما أطربونا بفنهم ولحنهم العدني الأصيل!
أعلم جيداً أن الكثير منا يتملكه الخوف والشك في مدى قدرة منتخبنا الوطني الأول على الظهور بالشكل الذي يليق باسمه ومكانته وتطلعات جماهيره، فالإعداد لم يكن كافياً لهذه البطولة، ولعل الودية الهندية أثارت استياء وتهكم المتابعين، نظراً لغياب التكافؤ بين قدرات المنتخبين، خصوصاً أن المنتخب كان بحاجة إلى احتكاك مع منتخب أكثر قوة وخبرة من الهند، لكن الظروف جاءت هكذا، واعتذار المنتخب السعودي في اللحظات الأخيرة هو ما فرض ودية الهند. لكن المهم هنا هو المشاركة الفعلية والظهور الرسمي باليمن، ومدى قدرة لاعبينا على استحضار قدراتهم وخبراتهم وتمسكهم بسلاح الروح والرغبة الحقيقية التي ستكون عوناً وسنداً لهم في تحقيق الهدف الذي ذهبوا لأجله، خصوصاً في المباراة الثانية للمنتخب. فكثيرة هي الدورات التي أعددنا لها العدة ولعبنا قبلها مع منتخبات عالمية، ثم ذهبنا إليها بزفات وهيلمان و«هبان» إعلامي، لكننا رجعنا بانتكاس وإحباط و«فشلة ما بعدها فشلة»!
الأعذار والمبررات التي ساقها البعض ممن فشل في إحراز ميدالية وتحقيق إنجاز في الأسياد، صنفها المؤرخون ضمن قائمة أعذار الفشل الموسمية التي تتكرر نغمتها إبان كل مشاركة إقليمية. فالعذر أقبح من ذنب، كما يقال، حينما ربطوا ذلك الفشل بضعف الموازنة وقلة الإمكانات، بل تعلل بعضهم هذه المرة بقلة الكادر الإداري وصعوبة التنقل. فالمعطيات من أرقام وتجهيزات كانت واضحة قبل السفر، بمعنى أنه لم يتغير أي شيء بعد السفر، إلا أن المُقهر هو تلك الوعود الخادعة التي أطلقها البعض، كالعادة، لتتحول بعد ذلك إلى صيحات وعويل «ما عطونا، وما وفروا لنا، وغيرنا عندهم ونحن ما عندنا» إلى آخره، حيث رموا فشلهمأ في سلة تلك الأعذار. لكن السؤال هنا هل موازنة المنتخبات الأخرى التي حققت وأحرزت ميداليات أكثر وأكبر منا؟ في الواقع هي أقل عنا. لكن الفارق هنا، أن بعضنا ذهب للسياحة والاستمتاع بأجواء البطولة، بينما حضر أولئك لتحقيق الهدف الذي قادهمأ إلى منصة التتويج، وجعل اسم وعلم بلدهم معانقين للذهب والفضة والبرونز، بينما عانق «ربعنا» الخيبات والحجج والأعذار المخزية، باستثناء لاعبي كرة القدم والفروسية!
أخيراً ضعف مستوى مباريات كأس اتصالات طبيعي ومتوقع، كون البطولة تنشيطية نتيجة توقف الدوري بسبب استحقاقات المنتخبين الأول والأولمبي. فالهدف منها هو إبقاء الفرق ولاعبيها في «الفورمة» الرسمية وحمية المباريات، أما مسألة أنه لا جدوى ولا فائدة منها، فهذا كلام مغلوط ومردود عليه، لأن توقف الدوري أسابيع ليس بالأمر الهين كي يجلس المدربون من دون عمل، وينشغل اللاعبون بالسهر، ويتفرغ بعضهم لجلسات «الرقص والهز»أ في عوافي ودبا والبداير، خصوصاً في هذه الأيام!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .