رؤية

التخطيط للفشل!

نجيب الشامسي

هل يمكن لدول ومجتمعات وفئات وحكومات أن تخطط للفشل؟! ربما يستنكر البعض هذا، ربما يستغرب البعض مجرد التفكير في تخطيط الفشل أو للفشل، لكن يحدث هذا في العديد من الدول، في العديد من الحكومات، في العديد من الشركات والمؤسسات، لأن هناك من يستفيد من هذا الفشل ونتائج التخطيط للفشل! وهذا يحدث على صعيد الدول والشركات، حيث التخطيط للفشل يوجد بيئة خصبة للفساد، ويشكل جزءاً مهماً من مهمات حكومات بعض الدول المرتهنة للخارج، ويدخل في صميم أجندة القيادات السياسية والاقتصادية، بعد أن أصبح هذا النوع من التخطيط يشكل سر استمرارية تلك القيادات، وهو الضمانة التي من خلالها تجد الدعم الأجنبي للمحافظة على وجودها ثم الوجود الأجنبي غير المباشر، وبالتالي تتقاسم تركة الدول ونهب ثرواتها.

من ناحية أخرى، يمكن أن يكون هناك تخطيط للفشل حينما تضيع بوصلة المستقبل من قبل القيادات السياسية والاقتصادية، وحينما يختل توازن القيادات التنويرية وتصبح مهمشة في مجتمعها، كما يحدث تخطيط الفشل حينما تصبح دولة ما أو حكومة ما غير متمكنة من توظيف إمكاناتها المادية والمالية وطاقاتها البشرية، على الرغم من توافرها بسبب تنازع السلطات والمصالح وتباين أهداف الأطراف المختلفة في ذلك المجتمع أو تلك الدولة، لأنها لم تتفق على حصتها من المنافع والمصالح والمراكز والهيئات، وغيرها من المصالح الضيقة التي دائماً ما تقود المجتمع إلى الهاوية، وهذا يحدث في دول قريبة منا أو بعيدة.

من ناحية ثالثة، يحدث التخطيط للفشل في العديد من المجتمعات والدول حينما يناط بمسؤولية التخطيط للمستقبل إلى مستشارين وخبراء أجانب يتم «استيرادهم» بقصد التخطيط للفشل وليس للتنمية، عندها يصبح مستقبل الأجيال ومستقبل الدولة مرهوناً بما يتم الاتفاق عليه من قبل هؤلاء المستشارين، خصوصاً في ظل الإيمان المطلق بأن هذا «البعض» من المستشارين يملك عصا سحرية تحقق أهداف تلك الدول ومستقبلها.

من ناحية رابعة، يحدث التخطيط للفشل حينما لا يقترن التخطيط بالمتابعة، ولا يخضع للرقابة والتدقيق، ويترك الحبل على الغارب لكل من تسول له نفسه سرقة ونهب المال العام، أو الابتزاز، أو استغلال المناصب والانحراف، ليحقق هذا الفشل أهداف فئات معينة تنشد الفشل ونتائج التخطيط الفاشل!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر