5 دقائق

(كل شبرٍ فيكَ أجمل!)

عبدالله الشويخ

المدينة كانت أصغر بسبع مرات تماماً من حجمها الحالي، وكنا نقول الشارقة والخان واللية، أغلبنا يدرس في دبي في منطقة الكرامة تحديداً، لذا فقد كان خط السير اليومي يمر بديرة، مروراً بجسر القرهود القديم ذي الحارتين، أو بنفق الشندغة وصولاً إلى منطقة الكرامة في بر دبي، حيث لا توجد تقسيمات إدارية سوى هاتين المنطقتين لوصف لؤلؤة الخليج في ذلك الزمان.

ليست هناك جامعات رسمية سوى جامعة الإمارات في مدينة العين، وعليه فقد كان خط السير يبدأ من ند الشبا من جوار دوار بوكدرة، مروراً بالمرموم ثم مرغم والفقع والهير والفوعة فالهيلي والعين بالنسبة للقادمين من الإمارات الشمالية، وفي عام 1995 أصدرت بلدية مدينة الشارقة قرارها الشهير بوقف تقديم مشتقات التبغ في مقاهي الإمارة، ولم يكن البديل المخصص للتجمعات الشبابية قد أقر بعد، ما جعل الكثيرين ينزحون إلى المقاهي المتاخمة في مناطق إمارة عجمان وعزبها في الحميدية والحليو والزهراء.

بعد التخرج كان لزاماً على كل متدرب أن يقضي جزءاً من فترة التدريب في المناطق الشرقية، فيختار أن يتدرب في أحد المراكز الثلاثة، كلباء أو الفجيرة أو دبا الحصن، فإذا اختار دبا الحصن فإن الطريق الأفضل للوصول إليها عن طريق مدينة الذيد، ثم الانعطاف يساراً عند سهيلة والمنامة، مروراً ببعض مناطق إمارة الفجيرة، مثل حبحب والطويين والصرم ووادي كب، ثم دبا الفجيرة فدبا الحصن أو الذهاب عن طريق مسافي، مروراً بثوبان ثم الحلاة والطيبة وأذن، وتستمر فترة التدريب في الفجيرة مروراً بدبا الفجيرة وضدنا وخورفكان، أو في مدينة كلباء من الطريق الجديد الذي يمر بالمليحة ثم شوكة ووادي الحلو.. لم تكن هناك نهاية أسبوع أفضل من أن تأخذ شارع رأس الخيمة لقضاء يوم في منتجع ابن ماجد، مروراً بحديقة ألعاب أم القيوين المائية، وربما صيد بعض القباقيب في خور البيضاء قبل قرار المنع الشهير، أو الذهاب عن طريق الهباب والبداير إلى مصفوت وحتى بحثاً عن كهف الوطاويط.

بعدها بدأت عملية الاستقرار الوظيفي، ومتابعة المجالس الجديدة في كل من الحمرية والمدام وفلي والبطائح، قبل الانتقال إلى العاصمة الرائعة أبوظبي، التي بدت في ذلك الحين كأنها في النصف الآخر من العالم، والعمل في مشروعات مختلفة في السويحان والشهامة وبني ياس والرحبة.. واتضح مرة أخرى أنها ليست النهاية، فهناك عوالم أخرى مجهولة أكثر جمالاً وروعة في المنطقة الغربية..

وتستمر الحياة مع تنوع العمل هذه المرة، فتارة تحضر اجتماعاً في السلع، وتارة تحيي حفلاً في المرفأ، فتغطي مهرجاناً تراثياً في مدينة زايد، يتبعه آخر في غياثي والرويس، ولقاء في جزيرة دلما ومشروع في صير بني ياس، حتى إذا تعبت رحالك بدأ موسم جني الرطب الرائع في محاضر ليوا المختلفة، حميم، وعتاب، واليارية، والخيس، ونشاش، وعرادة، والحميضي، والصبخة، والثروانية، وموصل، وقرمدة، ونفير، والرايقة، ومزيرعة، والمارية، وعتاب، وخنور.. كم من رجال يعرفون أوطاناً لا ينتمون إليها، وكم من أوطان لا تعرف رجالاً ينتمون إليها.

shwaikh@eim.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر