(ويكي - طفس!)
في أحيان كثيرة أحس حقيقة بأن عيني حارة، على الرغم من أنني غالباً ما أحاول إقناع نفسي بأنني من ضحايا عيون الآخرين، تأكدت من هذا الأمر بعدما تم القبض على الزميل غير العزيز جوليان أسانغ بتهمة الـ... «أستغفر الله»، أخيراً!
قبل أسبوعين وعندما أعلن عن قرب نشره وثائق خطيرة، ونَشَرت وسائل إعلامية عدة أنه أصبح مليونيراً، لدرجة أنه تفاوض مع بعض الدول على دفع ملياري دولار مقابل عدم نشر بعض الوثائق التي قد تسبب لهم «حكة في الخلف»، كما يقول الأميركان.
هل بإمكانك تخيل هذا المبلغ؟ مليارا دولار مقابل حفنة من الفضائح التافهة، ومليونير في الـ39 من عمره، وأنا الذي قضيت خريف عمري وربيعه وصيفه وشتاءه محاولاً إقناع واحد من الربع في الغربية بأن يعيرني بعيراً يمتلكه من فئة «المجاهيم»، لقضاء خلوة شرعية مع ناقة أملكها في الذيد، فلربما ينتج عن هذا الأمر المبارك بعد أربع سنين فحل مزاينة أشارك به في تحدي الظفرة، لعلني أجني مبلغاً من المال أسد به دين «تبليط» الحوش الذي أثقل كاهلي.
لكنني حين أحاول التفكير بإيجابية دون أن تغريني مأساة أسانغ بأن أقول «ما شاء الله»، أفكر في نسخ التجربة التي قام بها لإنشاء موقع محلي ينشر الوثائق التي تلقي بها المؤسسات والشركات في القمامة دون خوف من أن تنتشر، من باب أن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، فما الذي سأنشره في موقعي؟
هل أنشر تلك الوثائق التي تدين أقدم مؤسسة رسمية في منطقة الخليج والتي تخالف جهاراً نهاراً قانون وزارة العمل وقوانين احترام الموظف، فتقيم خزنة عليها حارسان تحفظ فيها جوازات موظفيها وتمنعهم من السفر أو حتى تصوير الجواز إلا بإذن رسمي، ضاربة بتحذيرات وزارة العمل المتكررة عرض الحائط؟ أم أنشر تلك الوثائق التي تؤكد قيام دائرة محترمة بتحويل نادي الترفيه الذي كان مخططاً لموظفيها إلى نادٍ للقطط والكلاب الخاصة بالجاليات الأجنبية، لأنها قامت بتغيير الأولويات؟ هل أنشر وثيقة تفضح قيام شركة محترمة بالتعميم على موظف متغيب عن عمله ووضع اسمه لدى كل المطارات والموانئ على اللائحة السوداء، واتضح في ما بعد أنه مريض في السكن الداخلي في الشركة نفسها، والسبب هو أنها لم تهيئ له التأمين الطبي الذي يكفله القانون؟ أم أنشر عن صاحب البقالة الذي كان يطالب دائرة بـ52 درهماً، فاضطر إلى عمل معاملة حملت 13 توقيعاً واستمرت لمدة شهرين حتى تم صرف المبلغ؟
هل أنشر عن الدوائر التي تخصم نهاية الخدمة دون سبب مقنع للذين أكملوا 30 عاماً بدلاً من تكريمهم، أم عن التي تعمم على الموتى والمختفين بدل التخفيف عن أهليهم؟
بصراحة لن أكتب أو أنشر شيئاً، ليس لخوفي من نهاية أسانغ، لا ردّه الله، ولكن لخوفي من العين فقط.. وقولوا «ما شاء الله»!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .