أبواب

عام جديد

علي العامري

العام 2010 على عتبة الوداع، يقف مثل كهل، بعدما دوخ العالم، خصوصاً بتوابع الأزمة المالية العالمية. يقف العام على العتبة، وبين يديه صرة، هي حصيلة الحب والأزمات والحروب والأمل والتيه والحر والكتابة والأسرار. في صرته الملفوفة أحداث مضت، بعضها أفرح قلوباً كانت تنتظر قطرة فرح، وبعضها أحزن قلوباً وأصابها بالكسوف.

يقف العام، كاشفاً وجهه، بردائه المغبر، وعينيه المتعبتين، بعدما أتعب كثيرين، وغبّر حياة كثيرين.

كل عام وأنتم بخير.. تشرق العبارة مع كل عام جديد، وتبشر بالخير، وتفتح بوابة التفاؤل لأيام تأتي مثل غيمة على ظهر حصان. هكذا تأتي الايام الجديدة، محملة بوقود الأمل بتغيير الى الأجمل والأكثر صفاءً والأعمق حبّاً وحياة.

يتهيأ العام 2010 للرحيل، وهناك من يريده أن يغادر الآن قبل غد، لأنه كان ثقيلاً عليه، وهناك من يتمنى تأجيل رحيله يوماً أو يومين، لأنه حمل اليه أحداثاً مبهجة.

كل عام وأنتم ببهجة، وكل عام وأنتم تضيئون قلوبكم بالحب، وكل عام وأنتم ترشقون أرواحكم بالفرح، وكل عام وأنتم عنوان إبداع ونجاح.

منذ البدء، كان الزمن، ومنذ البدء كانت مصائر الإنسان تتأرجح بين هدوء وصخب، وتأمل وجنون، وحزن وموسيقى، وفرح وأنهار. وكل عام يمضي الى التاريخ، نتفاءل بما يجيء، كما لو أن الأمل زوادة الانسان في الزمن.

في صرة العام 2010 قائمة لعشاق توهجت قلوبهم ذات لحظة، وكتبوا سيرتهم القلبية في رسائل أو دموع أو ابتسامات، وعلى سيقان الاشجار حفروا الحروف الأولى من أسمائهم، كما حفروا قلوباً تخترقها سهام (كيوبيد). وظل الحب زادهم في السنة. لكن في الجانب الآخر، ثمة أطفال أصبحوا يتامى بعدما كانوا ينعمون بحنان آبائهم وأمهاتهم، لكن الموت الذي يجيء بصور متعددة، خطف من خطف، وبقي من بقي يتلمس الحياة وحيداً إلا من الأمل.

صور كثيرة، راكمها العام ،2010 لأتراح وأفراح، وكعادة الزمن يمضي، لكنه لا يغيب، وها هو العام 2011 يتهيأ للقدوم، ليطل علينا وفي يده صرة فارغة، نأمل ان تمتلئ بأحداث جميلة ومبهجة، لكن الزمن هو الزمن، والمصائر تتبدل لكنها لا تحيد عن جوهر الفرح والحزن. وستمتلئ الصرة الجديدة بالجديد من البهجة والمآسي والجديد من الأدب والفن والعلم. وإذا شهدنا في السنوات القليلة الماضية حدوث ثورة في الاتصال والطب والعلوم، فإن العام الجديد سيحمل ما يدهشنا، ليس في الإبداع فقط، بل في العلوم والاكتشافات أيضاً، وخصوصاً في مجال التقنية الحديثة التي أصبحت تركض بينما نحن نمشي، ولا نكاد نستطيع مجاراة ما يحدث في مجالاتها المتشعبة.

ولكن، مع كل ذلك، يبدو أننا بحاجة ماسة إلى فسحة تأمل، وقبس من قصائد وألوان. نحتاج الى موسيقى تغمر أرواحنا، ونحتاج الى صوت البحر في الصباح، وظلال أغنية تأتي من نافذة بعيدة.

نحتاج إلى هدوء ناعم بين شوطين من شوك ولهاث.

alilameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر