النمو السكاني والتنمية

هل فكّر المعنيون بالتنمية الاقتصادية في كلفة النمو السكاني الكبير الذي تشهده الدولة، وعبر عقودها الأربعة الماضية؟ وهل نفكر في تأسيس طلب محلي على حساب استقدام العمالة، وجعل أبواب الإمارات مشرّعة أمام هذه الأعداد الغفيرة من الوافدين من دون مراعاة الكلفة الحقيقية لوجودهم على التنمية وعلى التنمية الاقتصادية خصوصاً، وما تسببه من خلل كبير وخطر في التركيبة السكانية وفي سوق العمل؟

لعل البعض ينظر إلى النمو السكاني الكبير بهذه المعدلات المخيفة، باعتباره أمراً إيجابياً بسبب السياسة الاقتصادية، والرغبة في الاستثمارات الأجنبية، والانفتاح الاقتصادي على أسواق واقتصادات العالم، فيما ينظر البعض الآخر لهذا النمو السكاني مؤشراً إيجابياً كبيراً على وجود خدمات صحية واجتماعية متقدمة ومتطورة، أوجدت بيئة خصبة للنمو السكاني!

إن الردّ على أولئك الذين يعتمدون مبدأ إنشاء الطلب بوجود هذا النمو السكاني، بأنهم تجار ومستثمرون ينظرون إلى هذا النمو بنظرة إيجابية، لأنه يوفر طلباً على سلعهم، وبضائعهم، وخدماتهم، وبالتالي يضمنون نمو أرباحهم وتعاظمها، ولا تعنيهم كلفة هذا النمو السكاني على اعتباره ذا كلفة عالية تتحملها الدولة، بما يتطلبه من توسع في الخدمات الصحية والاجتماعية والأمنية، وهذه كلفة عالية جداً لا توازيها معدلات النمو السكاني، فقد أصبحت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، تتحمل أعباءً متزايدة لتوفير تلك الخدمات، في إطار مواجهتها طلباً أوجده التوسع السكاني الناجم عن هجرة خارجية إلى أسواقها واقتصادها، ولعل الأرقام المعلنة حول حجم اعتمادات الدولة في موازنات الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، تؤشر إلى حجم الأعباء التي تتحملها الدولة لمواجهة هذا النمو السكاني المتسارع، وحقيقة الكلفة المالية والاقتصادية التي تتحملها بسبب ما توفره من خدمات، ضريبة لهذا التوسع الذي لم يكن له مبرر حقيقي سوى خدمة شريحة معينة من تجار ومستثمرين، أغلبيتهم أجانب، فيما الكلفة أكثر صعوبة على الأوضاع البشرية والأمنية، بعد أن أضحت قوة العمل الأجنبية تزاحم العمالة الوطنية، وسبباً في رفع معدلات البطالة بين شرائح المواطنين، ما يمثل إشكالات حقيقية للمجتمع، وتشويهاً صريحاً للتنمية، وصداعاً قوياً لاستقرار المجتمع، وتهديداً خطراً لأمن الوطن وهويته.

فهل تفكر مؤسسات الدولة في كلفة التنمية التي تحملتها عبر السنين، وتتحملها حالياً، وستتحملها مستقبلاً، فيما إذا لم نعمل على معالجة التركيبة السكانية التي يجب عدم الحديث عن معالجتها بالأقوال، بل بالأفعال؟

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

الأكثر مشاركة